غزة ــ رائد لافي
البوادر الأولى للعدوان الإسرائيلي الواسع على قطاع غزة، كانت أمس في بيت حانون، التي عاشت يوماً دموياً، شكّل نموذجاً لما يمكن أن يحمله الاحتلال في الأيام المقبلة

لم تمض ساعات على التهديدات الإسرائيلية بتوسيع العمليات العسكرية في قطاع غزة، حتى نفذت قوات الاحتلال مجزرة جديدة، حلت هذه المرة في بيت حانون، ذهب ضحيتها 8 شهداء ونحو 50 جريحاً، في إطار ما أطلق عليه اسم عملية “غيوم الخريف”، التي تصدّت لها فصائل المقاومة، فقتلت جندياً في القطاع، وقصفت مستوطنات الضفة الغربية بصواريخ محلية الصنع.
ووفقاً لمصادر طبية فلسطينية، فقد عرف من الشهداء: فايز محمد الزويدي (27 عاماً) من قوات الأمن الوطني، وأحمد عدوان (25 عاماً) وأحمد سعدات (23 عاماً) وطارق ناصر (26 عاماً)، وثلاثتهم من مقاومي “كتائب الشهيد عز الدين القسام”، الذراع العسكرية لحركة “حماس”. وحسام أبو هربيد (24 عاماً)، وهو مرافق وزير شؤون اللاجئين عاطف عدوان، ومحمد صالح المصري (23 عاماً) من عناصر “سرايا القدس”، الذراع العسكرية لحركة “الجهاد الإسلامي”، والشاب خليل ناصر حمد (24 عاماً).
وكانت قوات الاحتلال، تدعمها عشرات الدبابات والآليات العسكرية، قد توغلت بغطاء جوي من الطيران الحربي، في بيت حانون فجر أمس، وسط إطلاق نار كثيف.
وخلال العملية، دمّرت جرافات للجيش الإسرائيلي ثلاثة منازل وأصيبت عشرة منازل أخرى بأضرار. وتمركز جنود أيضاً على سطوح عدد من المباني، وجرت تبادل لإطلاق النار بين جنود الاحتلال وعناصر المقاومة.
وقام الجيش الإسرائيلي بتشويش البث في أجهزة الراديو المنزلية، وبث تسجيلاً صوتياً لرجل، يقول إنه من “جيش الدفاع الإسرائيلي”، أوضح أن جيش الاحتلال قد استخدم القوة في بيت حانون لمنع “المنظمات الإرهابية” من الاستمرار في قصف البلدات المجاورة للقطاع بصواريخها المحلية الصنع.
وطالب الصوت، الذي كان يتحدث بلغة عربية ركيكة، مواطني بيت حانون بالبقاء في منازلهم وعدم مغادرتها بدعوى أن ذلك سيوفر الأمن والحماية لهم. وادّعى أن الجيش الإسرائيلي لن يمسّ المواطنين ولن يقترب من ممتلكاتهم، ولكنه يعمل على منع “المخربين” الفلسطينيين من الاستمرار في هجماتهم.
وقال المتحدث باسم جيش الاحتلال، أفيحاي أدرعي، إن العملية العسكرية، التي أطلق عليها اسم “غيوم الخريف”، “عملية جراحية محدودة” تستهدف بالدرجة الأولى مطلقي صواريخ “القسام” في اتجاه البلدات والأهداف الإسرائيلية. لكن أدرعي أضاف أن “لا علاقة للعملية العسكرية الجديدة بالقرار الإسرائيلي القاضي بتوسع العمليات العسكرية في قطاع غزة”.
وقال مصدر عسكري إسرائيلي، لوكالة “يونايتد برس أنترناشونال”، إن “العملية ستستمر ما دامت هناك حاجة إلى ذلك وهدفها منع إطلاق صواريخ القسّام باتجاه جنوب إسرائيل”.
واعترفت مصادر عسكرية إسرائيلية بمقتل أحد جنود الاحتلال جرّاء إصابته بعيار ناري أطلقه قناص فلسطيني، كما أصيب عدد آخر منهم.
وأعلنت “كتائب عز الدين القسام” مسؤوليتها عن عملية قتل الجندي، الى جانب تنفيذها عمليات فدائية أخرى خلال التصدي لعملية التوغل الإسرائيلية.
وأشارت الكتائب، في بيان، إلى أن “الجندي قتل خلال الاشتباكات بين مجاهديها وجنود قوات الاحتلال الجبناء وقواته الخاصة، وبعد ضرب آليات الاحتلال بالقذائف والصواريخ”.
وقالت مصادر محلية في البلدة إن قوات الاحتلال حاصرت المستشفى الوحيد فيها، ومنعت الأطباء وطواقم الإسعاف من الخروج منه والتحرك داخل البلدة المحتلة لنقل جثامين عدد من الشهداء والمصابين من الشوارع.
وفي السياق نفسه، توغلت قوات الاحتلال تدعمها الدبابات والآليات العسكرية في منطقة الشوكة شرقي مدينة رفح جنوب القطاع، وعاثت في المنطقة فساداً، وسط عمليات إطلاق نار كثيفة في كل الاتجاهات، وأعادت احتلال مطار غزة الدولي في المدينة.
وأعلنت مصادر عسكرية إسرائيلية عن إصابة خمسة إسرائيليين في بلدة سديروت جراء إطلاق الصواريخ.
إلى ذلك، وصف الرئيس الفلسطيني محمود عباس العدوان الإسرائيلي على القطاع بأنه “حلقة من مسلسل خطير وحقير جداً، لأن إسرائيل تقوم الآن بعمليات تصفية واجتياحات كاملة ومبرمجة في القطاع، وهي ليست جديدة، ولكنها متصاعدة من دون أي أسباب”.
ورأى عباس أن العدوان الإسرائيلي “دلالة واضحة على أن إسرائيل لا تريد السلام، لأن من يريد السلام لا يمكن أن يقوم بمثل هذه الأعمال إطلاقاً”. وقال “إذا كان هدف العمليات إخلاء سبيل الجندي الإسرائيلي الأسير في غزة لدى فصائل المقاومة، فهناك عشرة آلاف أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية يجب أن يخلى سبيلهم”، مشدداً على أنه لا يجب استعمال مثل هذه القضية “حجة وذريعة للتدمير والقتل الشامل”.
ورأى رئيس الوزراء اسماعيل هنية، من جهته، أن “المجزرة التي ارتكبها الاحتلال في بيت حانون شمال القطاع، هي أولى ثمار ضم المتطرف (وزير الشؤون الاستراتيجية أفيغدور) ليبرمان إلى حكومة الاحتلال الإسرائيلية”.
وقال هنية إن “ضم ليبرمان إلى الحكومة يؤثر على طبيعة تصعيد العدوان الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني”. وشدد على أن العملية العسكرية التي تنفذها قوات الاحتلال الإسرائيلي في بلدة بيت حانون تأتي في سياق حملة الضغوط الممارسة على الحكومة والشعب الفلسطيني.
ودعا هنية الشعب الفلسطيني وقواه السياسية إلى تعزيز الوحدة الوطنية، ورص الصفوف لمواجهة الخطر الداهم الذي يطاول الأرض والإنسان الفلسطيني. وطالب المجتمع الدولي وجامعة الدول العربية والمنظمات الحقوقية بالتدخل الفوري من أجل وقف العدوان ووضع حد للتصعيد العسكري المتوقع للجيش الإسرائيلي في القطاع.
وطالب الناطق الإعلامي باسم “كتائب شهداء الأقصى” التابعة لحركة فتح، أبو قصيّ، مؤسستي الرئاسة والحكومة بإعلان حالة الطوارئ والتعبئة العامة للشباب وتسخير الإمكانات العسكرية الممكنة لدى الأجهزة الأمنية.
وفي الضفة الغربية، شنت قوات الاحتلال الاسرائيلي عملية عسكرية واسعة النطاق في مناطق مختلفة من الضفة اعتقلت خلالها 18 فلسطينياً في مدينتي نابلس وجنين ومخيم طولكرم.
وكانت مصادر اسرائيلية اعترفت ليل الثلاثاء ــ الأربعاء بإصابة جنديين إسرائيليين بجروح متوسطة جراء إطلاق مقاومين فلسطينيين النار على دورية اسرائيلية في منطقة بيتونيا في مدينة رام الله.
وفي سابقة هي الأولى من نوعها، أعلنت “ألوية الناصر صلاح الدين”، الذراع العسكرية لـ“لجان المقاومة الشعبية”، في الضفة الغربية عن تمكنها من صنع صاروخ “ناصر 1” قصير المدى، وإطلاقه بنجاح على مستوطنة “مجداليم” الجاثمة فوق أراضي مدينة نابلس شمال الضفة.