strong>تجري في السابع من تشرين الثاني الجاري الانتخابات النصفية الأميركية، حيث ينتخب الأميركيون أعضاء مجلس النواب بالكامل، وثلث أعضاء مجلس الشيوخ
تشتد المنافسة بين الحزب الديموقراطي (شعاره «الحمار») الذي يسعى الى استعادة السيطرة على الكونغرس، بينما يخشى الحزب الجمهوري (شعاره «الفيل») من فقدانها ويجهد للحفاظ على غالبية ضئيلة.
ويهيمن الحزبان الرئيسيان «الجمهوري» و«الديموقراطي» على الحياة السياسية في الولايات المتحدة الأميركية. ويتمتع الجمهوريون، منذ عام 1994، بغالبية ضئيلة في مجلس النواب. ومنذ ذلك التاريخ، يهيمن الجمهوريون في شكل متواصل على مجلس الشيوخ، باستثناء فترة قصيرة بين حزيران 2001 وتشرين الثاني 2002، حيث أدى انشقاق نائب جمهوري أعلن أنه أصبح مستقلاً، الى هيمنة الديموقراطيين.
وللجمهوريين في مجلس النواب المنتهية ولايته 231 عضواً فيما يحظى الديموقراطيون بـ201 عضو، مع وجود عضو مستقل يصوّت لمصلحتهم، وشغور مقعدين. أما في مجلس الشيوخ، فلدى الجمهوريين 55 عضواًَ، فيما يحظى الديموقراطيون بـ 44 عضواً مع وجود عضو مستقل يصوّت لمصلحتهم. ويحتاج الديموقراطيون للفوز بالغالبية في مجلس النواب إلى 15 مقعداً إضافياً، فيما يحتاجون في مجلس الشيوخ إلى ستة مقاعد، شرط ألا يفقدوا أياً من المقاعد التي يملكونها حالياً.
ويمكن نتيجة الانتخابات النصفية أن تؤثر في شكل لا يستهان به على قوانين الحكومة الأميركية وسياساتها نظراً إلى كون الكونغرس يملك سلطة إصدار القوانين وكيفية إنفاق الأموال. ويشارك الكونغرس الرئيس الاميركي في تعيين كبار الموظفين والقضاة ومن حق الكونغرس الاعتراض على التعيينات.
والحزب الذي يملك الغالبية في المجلس، ولو بمقعد واحد، يرأس كل اللجان. لكن هذا لا يعني عدم وجود مستقلين في المجلسين ولكن عددهم ضئيل جداً. ففي مجلس الشيوخ الحالي هناك عضو واحد مستقل لكنه يصوّت مع الديموقراطيين. وهناك أحزاب أخرى تعتبر هامشية في الحياة السياسية الأميركية مثل «حزب الخضر» و«حزب الأحرار» (ليبرتيريان بارتي Libertarian Party)، وربما ما زال «الحزب الشيوعي» الأميركي على قيد الحياة.
وينتخب الأميركيون مرة كل عامين أعضاء مجلس النواب بالكامل، وينتخبون ثلث أعضاء مجلس الشيوخ لفترة ست سنوات. وبما أن الرؤساء ينتخبون لفترة أربع سنوات، تعرف الدورات الانتخابية التي يُنتخب فيها مشرّعون من دون انتخاب رئيس في «الانتخابات النصفية».
وتنتخب 36 ولاية أيضاً حكامها، أي رؤساء السلطة التنفيذية فيها، يوم الانتخابات. وتحدد الولايات نفسها السنوات التي تُجرى فيها انتخابات الحكام وفترة ولايتهم والقيود التي تحدد عدد فترات خدمة حاكم الولاية، إن كان هناك تحديد.
  • النظام الانتخابي
    الولايات المتحدة هي جمهورية فدرالية تتمتع فيها كل ولاية باستقلال داخلي تام، ولكل ولاية دستورها ومجلسها النيابي (كونغرس) بمجلسي نواب وشيوخ. ولا يتعارض ولا يصح أن يتعارض دستور الولاية مع الدستور الفدرالي للولايات المتحدة.
    تجري انتخابات رئاسية فدرالية كل أربع سنوات ويمكن التجديد للرئيس في انتخابات رئاسية ثانية. ولا يحق له شغل المنصب أكثر من فترتين (ثماني سنوات). وعادة ما تبدأ الحملة الانتخابية قبل نحو عام أو عشرة أشهر من موعد الانتخابات الرئاسية.
    يبدأ المرشحون الطامحون إلى الرئاسة بإعلان نيتهم في الترشح وتجري انتخابات تسمى أولية في ولايات متفرقة تكون نتائجها مقياساً لشعبية المرشح ودرجة قبوله لدى الناخبين. وفي غالبية الولايات، يعطي الناخبون أصواتهم في تلك الانتخابات الأولية لمرشح حزبهم. ثم يعقد كل حزب مؤتمره العام لاختيار أو تثبيت المرشح الأكثر حظاً ليخوض معركة الرئاسة ضد مرشح الحزب الآخر.
    ويعقد الحزب المعارض مؤتمره أولاً، ثم بعد نحو شهر من ذلك يعقد الحزب الحاكم (حزب الرئيس) مؤتمره وتبدأ الحملة الانتخابية التنافسية بين المرشحين.
  • عدد الناخبين
    تعتبر الولايات المتحدة البلد الأدنى في عدد الذين يدلون بأصواتهم في الانتخابات بين الديموقراطيات الغربية. وقد يصل عدد الناخبين في الولايات المتحدة المسجلين في كشوف الانتخابات إلى مئة مليون ناخب من مجموع السكان الذين وصل عددهم الشهر الماضي إلى 300 مليون نسمة.
  • لماذا يعمِّر بعض أعضاء مجلس الشيوخ؟
    يتيح القانون لأعضاء الكونغرس بمجلسيه إعادة انتخابهم ما أرادوا ذلك، وهكذا يمكن أن يقضي نائب أو سيناتور عمره عضواً في الكونغرس مثل روبرت بيرد، الديموقراطي عن ولاية فرجينيا الغربية، والذي مضى عليه حتى الآن كعضو في مجلس النواب ثم الشيوخ نحو أربعين سنة. وإن السيناتور الجمهوري عن ولاية كارولينا الجنوبية ستروم ثيرموند قضى 48 سنة في مجلس الشيوخ وتوفي عن مئة سنة.
  • الأحزاب السياسية
    عندما وضع مؤسسو الجمهورية الأميركية دستور الولايات المتحدة عام 1787، لم يتصوّروا دوراً للأحزاب السياسية في النظام الحكومي وقد سعوا من خلال ترتيبات دستورية متنوعة مثل فصل السلطات والضوابط والتوازنات والنظام الفدرالي والانتخاب غير المباشر لرئيس البلاد من قبل هيئة انتخابية، إلى عزل الجمهورية الجديدة عن الأحزاب والفئات السياسيةوعلى الرغم من نيات المؤسسين، أصبحت الولايات المتحدة عام 1800 أول دولة تطور أحزاباً منظمة على الصعيد القومي وتنقل السلطة التنفيذية من حزب إلى آخر من طريق الانتخابات.
    وكان تطور الأحزاب السياسية مرتبطاً في شكل وثيق باتساع حق الاقتراع عندما أُلغيت مؤهلات الملكية باعتبارها مؤهلاً للتصويت خلال أوائل القرن التاسع عشر. ومع اتساع جمهور الناخبين على نطاق واسع، تطلّب الأمر وسيلة لتعبئة جموع الناخبين وأصبحت الأحزاب السياسية ذات صفة مؤسساتية لإنجاز هذه المهمة الأساسية. وهكذا، برزت الأحزاب في الولايات المتحدة جزءاً من هذا التوسع للديموقراطية. ومع حلول الثلاثينيات من القرن التاسع عشر، كانت هذه الأحزاب قد أصبحت، في صورة ثابتة، جزءاً راسخاً من الحياة السياسية الأميركية.
    ووُضع النظام الأميركي في شكل لا يسمح لأكثر من حزبين بالتصارع على المناصب العامة في الجهازين التنفيذي والتشريعي. وينتشر الحزبان الجمهوري والديموقراطي حالياً في جميع أقسام العملية السياسية، ويعتبر نحو ثلثي الأميركيين تقريباً أنفسهم إما جمهوريين وإما ديموقراطيين، وحتى أولئك الذين يقولون إنهم مستقلون، عادة ما تكون لهم ميول حزبية ويظهرون مستويات مرتفعة من الولاء الحزبي.
    ويعتبر كل من الحزبين الجمهوري والديموقراطي تحالفاً انتخابياً غير وثيق ولا يوجد أي انضباط حزبي بالمعنى الدقيق للكلمة، ولا توجد سياسة عامة محددة بدقة والأمر متروك لأعضاء الكونغرس ولرئيس الجمهورية إذا كان من أعضاء الحزب.
    ونرى في كل دورة انتخابية تنافس الحزبين الجمهوري والديموقراطي للفوز بأكبر عدد من المقاعد في الكونغرس بشقيه مجلس النواب ومجلس الشيوخ. ويتمتع الحزب الأكثر عدداً بالسيطرة على مجريات الأمور في شكل عام في ذلك المجلس. وفي حال سيطرة أحد الحزبين على البيت الأبيض بالإضافة إلى الكونغرس، فإننا نرى تجاوباً كبيراً من الكونغرس مع رغبات الرئيس. وذلك ما يحدث حالياً في ظل سيطرة الحزب الجمهوري على البيت الأبيض في شخص الرئيس جورج دبليو بوش وفي مجلس النواب وفي مجلس الشيوخ.
  • الحزب الجمهوري
    يعود تاريخ الحزب الجمهوري إلى عام 1854 عندما أخذت الاتفاقات تتبلور حول مسألة تحرير العبيد. وما هي إلا سنوات قليلة حتى استطاع الحزب تحقيق الأرجحية في الحياة السياسية من خلال مرشحه أبراهام لنكولن الذي كسب معركة رئاسة الجمهورية عام 1860 مستفيداً من تخبّط الحزب الديموقراطي المنافس وانقسامه في مسألة تحرير العبيد. وعلى الرغم من أن انتخاب لنكولن أدى إلى الحرب الأهلية الأميركية (1861-1865)، سيطر الجمهوريون على الحياة السياسية إلى حد بعيد حتى الأزمة الاقتصادية الكبرى، بعد ذلك بسبعين سنة، وهيمنة فرانكلين روزفلت الديموقراطي على الحياة السياسية الأميركية من 1932 الى 1944.
    ويرى الحزب الجمهوري نفسه بأنه الحزب المنادي بتصغير الحكومة ورفع يدها عن الشعب وعدم تدخّلها في كل صغيرة وكبيرة. وتغلب على الحزب الجمهوري السياسة المحافظة الأكثر التصاقاً بكبار الرأسماليين والشركات الكبرى والاقتصاد الحر في شكله المعدل الجديد، وبمعارضة نمو سلطات الحكومة المركزية على حساب الولايات. وإن معظم الجمهوريين يصنّفون أنفسهم بأنهم محافظون، وإن غالبيتهم تنتمي إلى اليمين الديني المسيحي المحافظ. وفلسفة الحزب تقول بخفض الضرائب وخاصة لأصحاب الدخل العالي لأن ذلك يعني اعادة استثمار المكاسب التي حصل عليها رجال الأعمال في الاقتصاد الوطني، وبالتالي توفير وظائف جديدة. وتضع الفلسفة الجمهورية المسؤولية على كاهل كل فرد أميركي لتحقيق أحلامه بالتنعّم بحياة رغيدة من خلال نظامها الرأسمالي الذي يعتمد على التجارة الحرة.
    للحزب مؤتمر عام يجتمع كل أربع سنوات لانتخاب مرشحه لرئاسة الجمهورية ولجنة قومية متعددة غير فعالة، وشعار الحزب هو «الفيل».
  • الحزب الديموقراطي
    تعود جذور الحزب الديموقراطي إلى أيام مؤسس «الحزب الديموقراطي الجمهوري» توماس جيفرسون، الذي رأس الولايات المتحدة من 1801 الى 1809، واكتسب اسمه الحالي (الحزب الديموقراطي) منذ أندرو جاكسون الذي تولى الرئاسة الأميركية من 1829 الى 1837. وقد انقسم الحزب في مسألة تحرير العبيد وخسر الأرجحية في الحياة السياسية أمام خصمه الحزب الجمهوري الذي لا يختلف عنه كثيراً، منذ الحرب الأهلية. إلا أن الحزب الديموقراطي استعاد المكانة الأولى تحت قيادة فرانكلين روزفلت الذي واجه الهبوط الاقتصادي والبطالة من طريق الصفقة الجديدة ليصبح حزباً إصلاحياً أقرب إلى الطبقات الفقيرة والأقليات غير المسيطر عليها من خصمه.
    ويرى الحزب الديموقراطي نفسه بأنه الحزب المنادي بزيادة الخدمات الاجتماعية لتشمل الفقراء والمساكين، ووضع آليات لتأهيل غير المنتجين وإعادتهم إلى المجتمع ليكونوا أعضاء إيجابيين فيه. يتضمن ذلك بالضرورة استثمار الضرائب التي يراها الديموقراطيون بأنها يجب أن تزداد بزيادة المدخول العام للفرد أو المؤسسة بغرض توفير بيئة اجتماعية عادلة للجميع. وترى فلسفة الديموقراطيين أن من مسؤوليات الدولة توفير العون لهؤلاء الأفراد الذين تجاهلهم النظام التجاري الرأسمالي الحر، وأن المجتمع مسؤول عن وضع آليات لضمان سلامتهم من خلال الصرف عليهم من خزانة الدولة التي تجمع الضرائب من الأفراد الأميركيين الأثرياء مادياً.
    ومن الخطأ التصوّر أن هذا الحزب وحدة متجانسة، لأنه عبارة عن تحالف انتخابي غير وثيق بين قيادات نقابات العمال، أي ذوي الدخل المحدود، والمتديّنين نسبياً في المدن، والأقليات الوافدة حديثاً إلى أميركا، أي أصحاب الاتجاه الليبرالي سياسياً، وقادة الولايات الجنوبية والحدودية الذين يتميّزون بأفكار محافظة.
    وعلى رغم أن الحزبين الجمهوري والديموقراطي ليسا أكثر من جناحين للرأسمالية الأميركية، الديموقراطي هو الأقل تزمّتاً في توجهاته الاقتصادية والسياسية ويضم ذوي الاتجاهات الليبرالية، والأكثر اتجاهاً إلى تعميم الخدمات والتأمينات الاجتماعية والحقوق المدنية في شكل عام.
    وقد نُقل عن الرئيس الأسبق ليندون جونسون قوله في أعقاب إعلانه قانون منح السود حق التصويت عام 1964، إن «هذا القانون سيؤدي إلى خسارة الحزب للجنوب الأميركي الذي كان يصوّت تقليدياً للديموقراطيين»، وهو ما حدث، إذ تحولت ولايات الجنوب إلى الجمهوريين.
    وللحزب الديموقراطي مؤتمر عام كل أربع سنوات ينتخب مرشحه لانتخابات الرئاسة الأميركية، بالإضافة إلى عدد كبير من اللجان القليلة الشأن في تحديد سياسته العامة، وهي متروكة عملياً للقادة في الكونغرس ولرئيس الجمهورية في حال كان من الحزب، وشعاره «الحمار».
    أما الأشخاص الذين لا يتماشون مع الخط الجمهوري ولا الخط الديموقراطي، فيعلنون استقلالهم ليكونوا منفردين كل بحسب نظرته إلى كل قضية في شكل معزول.
    تجب الإشارة إلى أن الأعضاء التابعين للحزبين لا يتقيّدون بالخط الفلسفي للحزب في شكل تام، وفي كثير من الأحوال يتبنّى بعض الأعضاء نظرة تكاد تكون مناقضة لخط الحزب الذي ينتمون إليه.



    الكونغرس الأميركي

    يضم الكونغرس الأميركي 535 عضواً ويتألّف من مجلسين:
    • مجلس النواب (House) يضم، منذ عام 1913، 435 عضواً يمثّلون كل الولايات الأميركية الخمسين طبقاً لنسبها السكانية.
    • مجلس الشيوخ (Senate) يضم مئة عضو، وتتساوى فيه عضوية الولايات الأميركية الخمسين بواقع اثنين لكل ولاية مهما كان حجمها السكاني.