بول الأشقر
يتوجه الناخبون في نيكاراغوا اليوم إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس جديد للجمهورية ومجلس للنواب في إحدى أقسى المعارك الانتخابية، التي تجري تحت أنظار أكثر من 17 ألف مراقب دولي.
وتقام دائماً الانتخابات الرئاسية في نيكاراغوا في اليوم نفسه الذي تقام فيه الانتخابات ذاتها في الولايات المتحدة، ما يزيد من حدة التوتر في بلد يصل فيه التدخل الأميركي إلى مستويات غير معهودة حتى في دول أميركا اللاتينية الأخرى. وجديد انتخابات هذه السنة أنها قد تسمح بعودة الرئيس اليساري السابق، دانيال أورتيغا، مرشح الجبهة «الساندينية» ــ نسبة لأوغوستو ساندينو الذي حارب الاحتلال الأميركي في الثلاثينيات ــ إلى سدّة الرئاسة، إذا حصل على نسبة من الأصوات الكافية لانتخابه من الدورة الأولى، وهي 35 في المئة من الأصوات وفارق 5 في المئة عن أقرب منافسيه. وإن لم يحصل أورتيغا، الذي يتصدر جميع استطلاعات الرأي، على هذه النسبة، فمن المرجح أن يخسر في الدورة الثانية ضد أي من المرشحين اليمينيين.
وتختلف استطلاعات الرأي على النسبة التي سينالها أورتيغا، وتتراوح بين 31 و37 في المئة. ويواجه أورتيغا هذه المرة انشقاقاً في صفوف جبهته إذ يشارك في الانتخابات مرشح يساري ثان انشق عن الجبهة «الساندينية» اعتراضاً على احتكار أورتيغا ومجموعته لتمثيل الجبهة منذ أكثر من ربع قرن. وهذا المرشح هو إدموندو جاركين الذي قد ينال، بحسب استطلاعات الرأي، بين 10 و15 في المئة من الأصوات.
أما على جبهة اليمين، فالغموض نفسه يبقى سيّد الموقف: هناك مرشحان قويان يخوضان الانتخابات للوصول إلى الدورة الثانية ويراهنان على وجود أكثرية ستقترع في كل الأحوال ضد وصول أورتيغا.
وأبرز المرشحين هو رجل الأعمال إدواردو مونتي أليغري الذي تدعمه الولايات المتحدة والذي يمثل ائتلافاً من الحزب المحافظ مع منشقين من الحزب الليبرالي. ويرجح أن ينال مونتي أليغري بين 19 و25 في المئة من الأصوات.
جديد الانتخابات إذاً ومفارقتها في الوقت نفسه، أن الجبهة المعادية لـ«الساندينيين»، التي هزمت أورتيغا ثلاث مرات متتالية في 1990 و1996 و2001، انشقت هذه المرة، وقد تخسر الانتخابات بالرغم من التقلص النسبي لنفوذ أورتيغا.
ووصل أورتيغا إلى الرئاسة إثر انتخابات عام 1984 بعدما أطاحت الجبهة «الساندينية» ــ الديكتاتور سوموزا عام 1979، قبل أن تواجه بدورها انتفاضة مسلحة في النصف الثاني من الثمانينيات موّلتها الولايات المتحدة في عهد الرئيس رونالد ريغان وعرفت بــ«حرب الكونتراس».
ومن أجل توفير جميع شروط عودته إلى سدّة الرئاسة، اختار أورتيغا هذه المرة نائباً للرئيس على لائحته أحد زعماء «حركة الكونتراس»، كما اعترف بالأخطاء التي ارتكبها في الماضي وليّن برنامجه ولهجته وقبل باتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة. ولكن هذه الأخيرة هددت بواسطة سفيرها بقطع العلاقات الاقتصادية مع نيكاراغوا وبسحب رساميلها وبحجز التحويلات التي يقوم بها المهاجرون من الولايات المتحدة في محاولة مكشوفة لمنع عودة «الساندينيين» إلى السلطة.
ويبقى الترجيح المسبق في نتيجة الانتخابات مستحيلاً بسبب توزع أصوات الكتلتين الرئسيتين بين أربعة مرشحين، وأيضاً لأن حوالى خمس الناخبين يرفضون الإدلاء بأفضلياتهم لمؤسسات استطلاعات الرأي.