غزة، رام الله ــ الأخبار
تسود أجواء من التفاؤل الساحة الفلسطينية بقرب انفراج الأزمة الداخلية، عبر تأليف حكومة وحدة وطنية تضم وزراء مهنيين «تكنوقراط» من مختلف الفصائل والقوى، باستثناء حركة الجهاد الإسلامي، التي تعارض المشاركة في العملية السياسية.
وقالت مصادر فلسطينية مطلعة إن اتفاقاً على تأليف هذه الحكومة قد تم التوصل إليه عبر الوساطة، التي يقوم بها رئيس المبادرة الوطنية الفلسطينية النائب الدكتور مصطفى البرغوثي، الذي قام أمس بزيارة إلى قطاع غزة للقاء رئيس الوزراء إسماعيل هنية.
وكشفت مصادر مطلعة أن زيارة البرغوثي إلى غزة جاءت بناءً على طلب الرئيس الفلسطيني محمود عباس لإجراء جولة حوار جديدة مع هنية وقادة حركة «حماس»، بهدف التقدم سريعاً في شأن الاتفاق النهائي حول تأليف حكومة وطنية مستندة إلى وثيقة الوفاق الوطني.
وقالت المصادر نفسها، لـ«الأخبار»، إن البرنامج السياسي للحكومة المرتقبة سيقوم على مبدأ الغموض البنّاء والصيغ المبهمة في شأن بعض القضايا، كما لن يتضمن اعترافاً صريحاً بإسرائيل، تجنباً لتفسير الموقف على أنه تقديم تنازلات من جانب «حماس»، التي من المرجح أن ترشّح شخصية وطنية مقرّبة منها، لرئاسة الحكومة المرتقبة.
وقال المتحدث الرسمي باسم «حماس» في غزة، فوزي برهوم، إن الحركة لم تقرر بعد ترشيح أي شخصية لرئاسة الحكومة، مشيراً إلى أن «الحركة ستسمي رئيس الوزراء المقبل في الوقت المناسب».
وعلمت «الأخبار» من مصادر مقربة من الحركة أن هنية لن يرأس حكومة الوحدة المرتقبة، وسيعود لتولي منصب قيادي في الحركة.
وأوضحت مصادر أخرى أن الإعلان عن تأليف الحكومة أو برنامجها السياسي لن يتم قبل الحصول على ضمانات برفع الحصار الدولي المفروض على الشعب الفلسطيني، وإتمام صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وفصائل المقاومة.
وقال برهوم، لـ«الأخبار»، إن «هناك توافقاً مع حركة فتح حول تأليف حكومة وحدة وطنية تبلور خلال مداولات بواسطة تنظيمات وشخصيات فلسطينية جرت في سوريا وغزة والضفة الغربية».
وفي السياق ذاته، قالت مصادر مقربة من عباس إن «حماس ستعطي ردها النهائي في شأن تأليف الحكومة ليل الأحد ــ الإثنين. غير أن برهوم نفى هذه المعلومات، وقال إن «الموضوع بحاجة إلى بضعة أيام أخرى».
كذلك أشار الناطق الرسمي باسم حركة «حماس» اسماعيل رضوان لـ«الأخبار» إلى أن الجهود التي بذلت باتجاه تأليف حكومة وحدة وطنية حصل فيها تقدم كبير. وأوضح أن التوجه الآن يسير نحو وضع النقاط النهائية للتفاهمات التي حصلت حول تأليف تلك الحكومة، مضيفاً أنه حتى اللحظة لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي.
وأشار رضوان إلى أن النقاط النهائية هي التأكيد على أن مرجعية هذه الحكومة والأرضية الأساسية لها هو وثيقة الوفاق الوطني، وأن تشكلها على أساس نتائج الانتخابات التشريعية التي تمثل فيها «حماس» القوه الكبرى، وتأليف وفدين برلمانيين من حركتي «حماس» و«فتح» لوضع المعايير وتنسيب الوزراء في الحكومة الجديدة.
وكان وزير شؤون الأسرى الفلسطينيين وصفي كبها، المقرّب من «حماس»، قد أعلن أنه «تم الاتفاق على كل شيء بخصوص تأليف الحكومة الجديدة، ومنها اسم رئيس الوزراء المقبل». وقال «إنه من المقرر أن يعقد لقاء بين عباس وهنية خلال اليومين المقبلين». وأضاف كبها «إن وثيقة الوفاق الوطني المتفق عليها فلسطينياً تمثل أرضية للتفاهم الجديد المتوقع الإعلان عنه قريباً، لكونها تتحدث عن الشرعيات والقرارات الدولية حيث إن المصلحة حالياً تتطلب عدم التحدث عن التفاصيل ليتم زفّها لاحقاً».
ورغم أجواء التفاؤل المسيطرة على المشهد السياسي الفلسطيني، إلا أن أصواتاً لا تزال تشكك بقرب الانفراج. وقال عضو اللجنة التنفيذيه لمنظمة التحرير الفلسطينية، ياسر عبد ربه، «إن الموقف من تأليف حكومة جديدة مرهون بموقف حماس»، مشيراً إلى أن القيادة الفلسطينية بانتظار موقف حماس النهائي من تسمية رئيس وزراء وطني مستقل لحكومة كفاءات وطنية بعيدة عن المحاصصة السياسية الحزبية.
أما النائب عن حزب الشعب، بسام الصالحي، فرأى أن الأمور لتأليف حكومة جديدة لم تنضج بعد للتوافق على برنامجها. وأشار إلى أن الجدل الدائر الآن يتعلق بشخصية رئيس الوزراء المقبل وقضية فك الحصار وصفقة التبادل وإطلاق سراح أسرى فلسطينيين في مقابل إطلاق الجندي الإسرائيلي الأسير.