واشنطن ــ محمد دلبح
عشية البدء بالانتخابات النصفية للكونغرس الأميركي، التي تجرى غداً الثلاثاء، تحتدم المواجهة بين الحزبين المتنافسين لرسم خريطة “تمثيلية” جديدة للولايات المتحدة تتلاءم مع مرحلة ما بعد حرب العراق، لتعكس حقيقة مزاج الشارع الأميركي الناقم بمعظمه على السياسة، ليس فقط الخارجية بل الداخلية أيضاً، للرئيس جورج بوش وأعوانه في البيت الأبيض.
وترجّح معظم التحليلات التي تنشرها وسائل الإعلام الأميركية أن تسفر الانتخابات النصفية عن سيطرة الديموقراطيين على الكونغرس، ما يمهد الطريق أمام إعادة صياغة لافتة في تركيبة السلطة الأميركية خلال العامين الأخيرين من الولاية الثانية للرئيس بوشوقد بات واضحاً أن رهان الديموقراطيين للفوز هو في استمالة بعض الولايات المؤيدة تقليدياً للجمهوريين، وهي التي يرمز لها باللون الأحمر في الجنوب والسهول الكبرى في منطقة الوسط والغرب الجبلي، فيما تحتل الولايات الزرقاء، المؤيدة تقليدياً للديموقراطيين، الشمال الشرقي والغرب الأوسط الأعلى والساحل الغربي للولايات المتحدة.
وهناك بعض الولايات التي تنقسم على نفسها بين حضر يميلون نحو الليبراليين الديموقراطيين، وريف يميل إلى المحافظين الجمهوريين. ويطلق عليها الولايات البنفسجية، وهو اللون الناجم عن الخلط بين الأحمر والأزرق.
وقد أظهر آخر استطلاع للرأي أمس أن شعبية الجمهوريين بدأت تهبط نحو القاع، قبل يومين فقط من موعد الانتخابات. وأن الديموقراطيين، رغم تراجعهم في الاستطلاع الأخير، لا يزالون يتقدمون على الجمهوريين على الأقل بست نقاط لجعلهم يتأكدون من فوزهم بـ15 مقعداً في مجلس النواب الأميركي، يؤهّلهم للحصول على الغالبية، فيما لا يزال مجلس الشيوخ يشكل تحدياً أكبر لهم، ولا سيما أنهم بحاجة للفوز بـ 6 مقاعد للسيطرة عليه.
ولعل ولاية أيداهو التي صوّتت بنسبة 68 في المئة وهي نسبة عالية، للرئيس جورج بوش في انتخابات 2004، كما ان كل من يمثلها في الكونغرس بمجلسيه، هم من الجمهوريين، هي أبلغ مثال على يأس الجمهوريين. فمن أجل الاحتفاظ بأحد مقاعد الولاية في الكونغرس بيد الجمهوريين، أنفقت لجنة الانتخابات الجمهورية مئات الآلاف من الدولارات على الإعلانات التلفزيونية وجاءت بـ “فحول” الجمهوريين ليعززوا حملة مرشحيهم هناك.
فإذا تطلب الأمر هذا المجهود الضخم والتكلفة الباهظة من أجل الاحتفاظ بمقعد في دائرة جمهورية الهوى، فماذا سيكون عليه الوضع في الدوائر التي يواجهون فيها منافسة شديدة منذ أمد طويل؟
كذلك تبدو الصورة في ما يتعلق بمعركة مجلس الشيوخ أكثر إشراقاً مما كانت عليه منذ أشهر. وقد بلغ اليأس بالجمهوريين أن ألغوا خطط إعلانات الدعاية في ولاية ساوث كارولينا، إحدى معاقلهم التقليدية، بعدما أيقنوا أن قضيتهم فيها خاسرة.
ويكاد الديموقراطيون يناطحون منافسيهم الجمهوريين وربما يتقدمون عليهم في أربع ولايات تشكل معاقل تقليدية للجمهوريين، وهي: أوهايو وفيرجينيا وتنيسي وميسور.
وتقترب الحملات الدعائية من ذروتها ومعها تقترب اللحظات التي يجيد فيها الجمهوريون التحرك، المتمثل في حشد جحافل الناخبين من معسكرهم للتوجه إلى صناديق الانتخاب.
ويقول المتحدث باسم اللجنة القومية للحزب الجمهوري، داني دياز، إن الحزب خصص 60 مليون دولار لهذه المراحل.
لكن الديموقراطيين متيقظون تماماً لهذه الفقرة من مسلسل الانتخابات المضني، حيث بدأ اتحاد العمال الفيدرالي واتحاد المنظمات الصناعية في الولايات المتحدة، المعروف بميوله الليبرالية للديموقراطيين، في تجهيز حملة حشد الأصوات التي رصد لها 40 مليون دولار.