ولد دانيال أورتيغا عام 1945 في عائلة من الطبقة الوسطى منخرطة في النضال ضد الديكتاتور سوموزا. وسرعان ما التحق بالجبهة الساندينية، حيث تسلّم قيادة العمليات في المدن. وأمضى في السجن من عام 1967 إلى عام 1974 بعد اعتقاله في محاولة سطو على مصرف. بعد الإفراج عنه في عملية تبادل أسرى، سافر إلى كوبا وعاد سرّاً إلى نيكاراغو حيث شارك في إطاحة الديكتاتور عام 1979 وعيّن منسقاً لقيادة الثورة قبل أن يتم انتخابه رئيساً للجمهورية عام 1984 بأكثر من 60 في المئة من الأصوات في انتخابات رفضت إدارة رونالد ريغان الاعتراف بشرعيتهاوموّل ريغان تسليح المجموعات المعادية للساندينيين بواسطة صفقات السلاح السرية التي كانت تؤمنها إسرائيل لإيران في ما عرف بـ«فضيحة الكونتراغيت» في النصف الثاني من ثمانينيات القرن الماضي. وتدهور الوضع في نيكاراغو نتيجة الحرب الأهلية التي ذهب ضحيتها أكثر من 30 ألف قتيل، ونتيجة الحصار الذي فرضته الولايات المتحدة على البلد الفقير، والخلافات مع الكنيسة التي عرفت أوجها خلال زيارة البابا يوحنا بولس الثاني الذي كان يعترض على مشاركة رجال دين في الحكومة الساندينية. في عام 1990، خسر أورتيغا الانتخابات الرئاسية أمام ائتلاف ضم أربعين حزباً من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار وسلّم السلطة إلى فيوليتا شومورو، أرملة صحافي قتلته ديكتاتورية سوموزا كانت قد ابتعدت عن الساندينيين بعد احتكارهم السلطة. إلا أن القيادة الساندينية نالت اللوم لخصخصتها لصالحها الشخصي عدداً من مرافق الدولة قبل خروجها من السلطة.
بعد خروجه من السلطة، ترشح أورتيغا مرتين للانتخابات الرئاسية وخسر فيهما بحوالى 40 في المئة من الأصوات أمام مرشحي الحزب الليبرالي؛ في المرة الأولى أمام الرئيس أرنالدو أليمان وفي المرة الثانية أمام الرئيس الحالي هنريكي بولانيوس. وخلال ولاية هذا الأخير، أدين سلفه وحوكم بعقوبة السجن لتورطه في فضائح إثراء شخصي.
ودخل أورتيغا من هذه الثغرة، فتحالف مع أليمان وشكلا أكثرية لتعطيل ولاية بولانيوس وتحاشي إدخال أليمان إلى السجن وتعديل قانون الانتخاب لخفض النسب المطلوبة للفوز بالانتخابات الرئاسية من الدورة الأولى، في ما اعتبر قانوناً على قياس أورتيغا كما تبيّن أمس.
وللعودة إلى السلطة، تحوّل دانيال أورتيغا من رجل عقائدي إلى سياسي «براغماتي»: خلع بزّته العسكرية واعتنق المسيحية واعتذر عن كل أخطائه الماضية واختار أحد زعماء الكونتراس كنائب رئيس له، والتزم احترام اتفاقية منطقة التجارة الحرة مع الولايات المتحدة، وتخلّى عن شعار الثورة الاجتماعية لصالح «ثورة روحية» واستبدل نشيد الساندينيين الذي كان يرى في «الولايات المتحدة عدو الإنسانية» بأغنية جون لينون «أعطوا فرصة للسلام».
وآخر فصل في هذا التغيير جرى قبل أسبوع عندما اقترع النواب الساندينيون لصالح إلغاء «قانون الإجهاض الطبي»، الساري المفعول منذ عام 1893، خاضعين لابتزاز الكنيسة في محاولة أخيرة لتسهيل انتخاب أورتيغا.
تغيّر دانيال أورتيغا في عمر الـ61 وعاد إلى السلطة بعد 16 سنة ليكتشف أن الولايات المتحدة لم تتغير.

( الأخبار)