القاهرة ــ خالد محمود رمضان
أفلحت الجامعة العربية في تحديد موعد لاجتماع وزراء الخارجية حول الوضع الفلسطيني، لكن النجاح ليس مضموناً، والخلافات قد تطفو إلى السطح مجدداً، وتحرف المسار، كالعادة، عن القضية المركزية

بعد اجتماع عقد تحت مسمى “العصف الفكري”، لمناقشة العدوان الإسرائيلى المستمر على الشعب الفلسطيني، قرر مجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين فتح “مكلمة” جديدة لوزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ سيعقدونه في القاهرة الأحد برئاسة البحرين، لبحث الوضع الحالي على الساحة الفلسطينية، وسط مطالبات بإرسال قوات دولية إلى الأراضي الفلسطينية، على غرار “اليونيفيل” في جنوب لبنان.
وفي ظل غياب موقف عربي جاد لرد الآلة العسكرية الإسرائيلية، لا يتعين على الفلسطينيين انتظار أي جديد من هذا الاجتماع، وفقاً للمؤشرات التي تجمّعت لدى “الأخبار” أمس؛ فسيكتفي وزراء الخارجية ببيان شجب وإدانة تمّ إعداده سلفاً بانتظار حصول موافقة وزراء الخارجية العرب على فحواه.
وسيعقد الاجتماع الطارئ، الذي أعلن عنه الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى في مؤتمر صحافي أمس، بناءً على طلب من لبنان وفلسطين للنظر في ما سماهما “الإجراءات العملية للتعامل مع العدوان الإسرائيلي المتواصل والمتكرر على الشعب الفلسطيني”.
وقال موسى، في ختام الاجتماع التشاوري الذي عقده مجلس الجامعة العربية للمندوبين الدائمين، وتركز حول تطورات الأوضاع على الساحة الفلسطينية، إن “رسالة إسرائيل واضحة من وراء عدوانها وهي أن العدوان لن يوقفه أحد، ولهذا يجب على الدول العربية أن تتحرك وتتحمل مسؤولياتها تجاه هذا العدوان”.
وحول الإجراءات التي سيتخذها الوزراء العرب، رأى موسى أن “كل الاحتمالات مفتوحة، وسنعرض على الوزراء مذكرة تتضمن تطورات الأوضاع وعدداً من الأفكار والمقترحات العملية لكيفية التعامل العربي مع هذا العدوان”، مشدداً على أن “مجلس وزراء الخارجية العرب سينحو منحى جديداً في هذه الدورة لتكون خطواته عملية”، من دون أن يفصح عن ماهيتها.
وفي هذا السياق، طالبت الجامعة العربية، على لسان أمينها العام المساعد لشؤون فلسطين محمد صبيح، المجتمع الدولي بالتحرك السريع لتوفير الحماية للشعب الفلسطيني وإرسال قوات حفظ سلام إلى الأراضي الفلسطينية أسوة بما حدث في جنوب لبنان.
وقال صبيح إن الاجتماع الطارئ الأخير لمجلس الجامعة العربية تناول مسألة إرسال قوات حفظ سلام إلى جنوب لبنان في غضون 10 أيام فقط، بينما يسعى الفلسطينيون منذ عامين إلى إرسال قوات لمنع سفك الدماء في الأراضي الفلسطينية ووقف العدوان الإسرائيلي والذهاب إلى المفاوضات، الأمر الذي لم يحصل حتى الآن.
كما أعرب صبيح عن أسفه للموقف الأميركي الذي يعوق إرسال هذه القوات، مشيراً إلى أنه «في الوقت الذي ترفض فيه الولايات المتحدة إرسال قوات حفظ سلام إلى فلسطين، تطالب بإرسال قوات دولية إلى دارفور، رغم أن الأوضاع في فلسطين سيئة للغاية، وهو ما يؤكد المعايير المزدوجة في التعامل مع قضايا المنطقة».
وقد سعت مصر إلى التنصل مبكراً من أي انتقادات توجّه ضدها على خلفية استمرارها في الاحتفاظ بعلاقاتها بإسرائيل رغم تصاعد المطالب الشعبية بقطعها. وقال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، سليمان عواد، إن هناك اتصالات وجهداً مصرياً لا ينقطع من أجل وقف الاعتداءات الإسرائيلية والتصعيد الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية على نحو ما حدث في بيت حانون.
في هذا الوقت، تواصلت الإدانات العربية للمجزرة في بيت حانون، فأعربت السعودية، في بيان، عن قلقها البالغ من الهجمات الإسرائيلية المستمرة على الشعب الفلسطيني. وطالبت “المجتمع الدولي بالتحرك” سريعاً لإحياء عملية السلام بناءً على مقترحات السلام العربية وبموجب القانون الدولي.
ونقلت وكالة أنباء البحرين عن وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد آل خليفة قوله إن “العرب توجهوا إلى مجلس الأمن بصوت واحد بغية الوصول الى سلام دائم وعادل في المنطقة، إلا أن التطورات الدموية الأخيرة بما في ذلك مجزرة بيت حانون تعدّ انتكاسة مخيبة للآمال تقود المنطقة الى منحدر خطير لا تحمد عقباه”.
ونددت ليبيا بـ“المجزرة” الإسرائيلية في بيت حانون. ورأى أمين شؤون الإعلام في وزارة الخارجية الليبية، حسونة الشاوش، أن “الحرب التي تشنها إسرائيل على الفلسطينيين تعد حرب إبادة جماعية تستهدف القضاء نهائياً على الشعب الفلسطيني”.
واستنكر المغرب بقوة مجزرة بيت حانون. وقال وزير الاتصال نبيل بن عبد الله، في مؤتمر صحافي إثر اجتماع للحكومة، إن “تمادي إسرائيل وتعنتها ومواصلة اعتداءاتها الشنيعة على الشعب الفلسطيني تشكل خرقاً سافراً للشرعية الدولية”.
وفي عمّان، دان مجلس النواب الأردني، في بيان، ما تقوم به إسرائيل من «إرهاب دموي». ودعا «الأسرة الدولية إلى إدانة هذه الجريمة النكراء التي ترقى إلى درجة الإبادة الجماعية والجريمة ضد الإنسانية جمعاء». وأضاف البيان أن «تلك الأعمال تكشف ديموقراطية حكام تل أبيب الملطخة أيديهم بالدم الفلسطيني الغالي».
كذلك، طالب حزب «جبهة العمل الإسلامي»، الذراع السياسية لـ«الإخوان» المسلمين في الأردن، في بيان، المنظمات الدولية «بفضح الجرائم الصهيونية وإدانتها والعمل على وقفها». وأوضح أن إسرائيل «ترتكب المجزرة تلو الأخرى، وليست مجزرة بيت حانون المستمرة إلا أحد تجليات العقلية الصهيونية القائمة على الإرهاب والإجرام والقتل والتدمير».
وفي دمشق، نظّم عشرات الفلسطينيين اعتصاماً أمام مكتب الصليب الأحمر في دمشق تضامناً مع الأسرى والمعتقلين في السجون الإسرائيلية وتنديداً بمجزرة بيت حانون.