موسكو ــ حبيب فوعانيطهران ــ محمد شمص

تبقى كل زيارة ينوي أي مسؤول إيراني القيام بها إلى موسكو موضع تساؤل المراقبين حتى تحط طائرته في مطار موسكو، إذ يستمر تنسيق برنامج الزيارة حتى اللحظة الأخيرة، وفي كثير من الأحيان يجري إلغاؤها إذا لم يتأكد المسؤولون الإيرانيون من إمكان مقابلة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وبالفعل، هذا ما حصل بالنسبة إلى زيارة وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي إلى موسكو، والتي كان يجب أن تبدأ امس. وكانت طهران تعوِّل على أن استقبال متكي على أعلى المستويات في موسكو سيعزز موقف طهران مع بداية مناقشة مشروع القرار الذي تقدمت به الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وألمانيا، في شأن العقوبات على إيران.
ويريد الجانب الإيراني أن يطمئنّ إلى مساندة روسيا في نيويورك، وأن موسكو ستدافع عن مصالح إيران حتى النهاية، وأن لا توافق على تضمين نص القرار تذكيراً بـ«الفصل السابع» من ميثاق الأمم المتحدة، والذي يسمح باستخدام القوة عند الضرورة. لكن بوتين تهرّب من اللقاء متعلّلا بكثرة أشغاله. ويبدو أن الرئيس الروسي أراد تجنب هذا الاستقبال، الذي يمكن أن يُعدّ لفتة واضحة «زائدة عن اللزوم» في تأييد إيران.
ومن الممكن أن يكون وضع متكي بصفته شخصية غير مستقلة في القيادة الإيرانية العليا قد أثّر على الكرملين. وفي آخر لحظة، أُلغيت الزيارة بتعليمات شخصية من الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، علماً بأن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف كان قد تحدث، الأربعاء في العاصمة الأوكرانية كييف، بكل ثقة للصحافيين عن مباحثاته المرتقبة مع متكي.
ووفقاً لوكالات الإعلام الروسية، سيأتي إلى موسكو اليوم، بدلاً من متكي، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني، الذي يشرف شخصياً على البرنامج النووي لبلاده، وسيجري مباحثات مع لافروف ونظيره سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي إيغور إيفانوف، ويستطيع التعويل أكثر على استقبال بوتين له.
ولإضفاء الطابع اللازم من الأهمية على الزيارة، يحمل لاريجاني معه إلى موسكو رسالة شخصية من الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، تتضمن دعوة شخصية إلى بوتين لزيارة طهران رسمياً قبل نهاية العام، والتي يشكّ المراقبون في تلبية بوتين لها.
من جهة أخرى، أفادت مصادر مطلعة في طهران، لـ«الأخبار» أمس، بأن الذي دفع الى إلغاء زيارة متكي الى موسكو وقيام لاريجاني بهذه المهمة، هو أن هذا الأخير هو المعني الاول بالملف النووي ويمتلك صلاحيات واسعة تؤهله أخذ القرارات الحاسمة، وهو مقرب جدّاً من المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية آية الله علي الخامنئي.
وعشية الزيارة، قال لاريجاني أمس، إن «العقوبات لا تخيفنا وليست بالشيء المهم، خاصة بعد تعديل مشروع القرار باقتراحات روسية حصرت إطار العقوبات بالصواريخ البالستية والصناعات النووية». وأوضح أن «طهران تدعو إلى العودة الى طاولة الحوار والحل السلمي وإعادة الملف النووي الى مكانه الطبيعي في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لكن إذا اتخذ الأوروبيون أي اجراءات ضد ايران، فسيرد عليها بالجواب والإجراء المناسبين».
في غضون ذلك، (يو بي آي) أعلن لافروف أمس، أن الاقتراح الروسي في شأن تخصيب اليورانيوم لمصلحة برنامج إيران النووي السلمي، سيحظى بالاهتمام خلال المفاوضات مع إيران.