أثارت تصريحات رسمية ليبية أمس عن مغادرة كبير أبناء الزعيم الليبي معمر القذافي، سيف الإسلام، وطنه “للعمل في الخارج” التساؤلات عن سبب هذه الخطوة التي جاءت بعد أسابيع قليلة من خلاف حصل بين الابن الداعي إلى الإصلاح وتداول السلطة، ووالده المتمسك بكرسي الرئاسة الليبية منذ 37 عاماً. وذكّرت هذه التصريحات بانتقادات علنية توجه بها القذافي الابن في 21 آب الماضي لنظام والده السياسي واعتباره “غير ديموقراطي”، وهو ما استدعى بدوره رداً من الزعيم الليبي الذي قال إنه “لن يسمح لأحد بسرقة السلطة تحت شعار تداول السلطة”.
ولعل هذه التصريحات، والتصريحات المضادة، تشكل دحضاً واضحاً لكلام المصدر الرسمي أمس عن أن سيف الإسلام غادر البلاد للعمل في“مؤسسة اقتصادية دولية”.
فالمتابع لتعليقات سيف الإسلام (36عاماً)، التي وردت وسط هتافات عالية في حشد جمع 15 ألف ناشط من الشباب في بلدة سرت، يرى أنها من أكثر الانتقادات العلنية التي صدرت عن أي ليبي، ولا سيما أن تصريحاته يومها تناولت عدداً من الأخطاء في الحياة العامة في ليبيا، بما فيها جشع “القطط السمان” في مؤسسات الدولة والحالة المتردية لقطاعي الصحة والتعليم. ولم يكتف بهذا النوع من النقد، بل دعا إلى إجراء عدد من الإصلاحات، قائلاً إن ليبيا تفتقر إلى حرية الصحافة وإن النظام السياسي ليس ديموقراطياً كما يجب أن يكون.
وقد دفعت هذه الانتقادات الزعيم الليبي، بعد 11 يوماً، إلى تعزيز دفاعاته في وجه محاولات التغيير الآتية من داخل بيته، مغتنماً مناسبة مرور 37 عاماً على توليه السلطة لدعوة مؤيديه “إلى قتل الأعداء إذا طلبوا تغييراً سياسياً”.
وكانت تصريحات العقيد القذافي في 31 آب صريحة في تعاطيها مع انتقادات نجله بقوله: “لن نسمح لأحد بأن يسرق السلطة من الشعب تحت شعار تداول السلطة”، مشيراً إلى أنهم “يتحدثون عن تداول للسلطة، أي تداول هذا؟ ها هو الشعب في ليبيا عنده السلطة، ولقد وصلنا إلى النهاية، لا يوجد تداول للسلطة إلا للشعب”.
وكان سيف الإسلام، الذي يترأس مؤسسة القذافي للتنمية، قد دعا إلى “إعادة تأسيس دستور ثابت لمئة سنة قادمة وإلى وضع مرجعية ثابثة وإلى التحول السياسي من ليبيا الثورية إلى ليبيا الدولة”، منتقداً “حالة الفوضى” السائدة في ليبيا، التي رأى أنها عائدة إلى “غياب الدستور والقوانين”.
واتهم سيف الإسلام “المافيا الليبية” بالتصدي للمشاريع الإصلاحية، مضيفاً: “هل توجد سلطة شعبية فعلاً في ليبيا؟ وإلا فكيف تُزَوَّر قرارات باسم الشعب ويسجن الناس ونبهدلهم باسم الشعب ثم نأتي ونضحك على أنفسنا ونقول إننا نعيش في الفردوس؟”.
(رويترز، أ ف ب)