بلير يؤكد «الفرق بين إيران وسوريا» وأنان يرى أن أميركا «عالقة في فخ» العراق
استبقت دمشق بتّ الإدارة الأميركية بالتوصيات في شأن إشراكها في المسألة العراقية، عبر التحرك طوعاً لتعبيد طريقها نحو بغداد، وتعزز دورها في المنطقة، وبالتالي اختراق العزلة المفروضة عليها، عبر استئناف العلاقات الدبلوماسية مع العراق، في خطوة، إن بدت مرتبطة بضوء أخضر أميركي للمسؤولين العراقيين، إلا أنها ستزيد الضغوط على إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش لحملها على تغيير سياستها حيال دمشق والموافقة على بدء مفاوضات مباشرة معها.
واختتمت زيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم إلى العراقأمس، بإعلان إعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بعد انقطاع «دام حوالى ربع قرن».
وقال وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري، بحضور نظيره السوري أمس: «وقَّعنا قبل قليل إعلان عودة العلاقات العراقية ــ السورية الكاملة»، معبراً عن أمله في «إجراءات عملية وفعلية للتواصل والحوار المستمر» بين البلدين.
وأضاف زيباري، خلال مؤتمر صحافي مشترك، في ختام زيارة المعلم، وهي الأولى لمسؤول سوري منذ سقوط النظام السابق عام 2003: «وقعنا معاً للبدء في هذه العملية وسيرفع علم العراق في سماء سوريا وعلم سوريا في سماء بغداد». وتابع: «في مجال التعاون والتنسيق الأمني بين البلدين، جرى اتفاق على لقاءات بين مسؤولين أمنيين بين البلدين، كما بحثنا سبل تطوير العلاقات التجارية».
وأوضح الوزير العراقي: «بحثنا إمكانات وسبل التعاون الاقتصادي والتجاري وحتى في مجال النفط والمياه والتجارة، لكن أمامنا طريق للمحادثات والتواصل، العراق بلا شك يحتاج إلى أن يعدد من منافذ تصدير النفط».
وأجاب زيباري، رداً على سؤال: «التقى (المعلم) جميع المسؤولين. كانت لديه لقاءات مع وزير الداخلية لبحث التعاون الأمني مع الأجهزة الأمنية والاقتصادية والمالية. لذلك بحثت كل الأمور بوضوح».
أما المعلم فقال من جهته: «تم الاتفاق على تشكيل فرق عمل مشترك متخصصة لتبحث في كل هذه الأمور». وأضاف: «لا أريد أن أعود إلى الاتهامات السابقة والشكاوي المتبادلة. ما أردنا معاً أن نبنيه، بهذه الزيارة، هو آلية التعاون المستقبلي في كل المجالات وما دام القرار السياسي والنية واضحة، فإنني أعلل أن تسير الأمور بين المختصين والمسؤولين عن هذه الملفات في البلدين سيراً حسناً».
وكان الوزير السوري قد قال، أثناء اجتماعه مع رئيس مجلس النواب العراقي محمود المشهداني في بغداد أمس، إن «استقرار العراق مرهون بمساعدة ودعم أشقائه ولا سيما سوريا».
وأشار المعلم إلى أن الزيارة التي قام بها المشهداني إلى سوريا أخيراً، «ساعدت على كسر حالة الجمود التي سادت العلاقات بين البلدين، وأسهمت في ترطيب الأجواء بينهما، وهو ما دفع الأمور في الاتجاه الصحيح».
إلى ذلك، أعلن زيباري أن الرئيس العراقي جلال الطالباني «تلقى دعوة» لزيارة دمشق آملاً «تلبيتها في وقت قريب»، ونافياً الأنباء عن عقد قمة عراقية ــ إيرانية ــ سورية في طهران.
إلا أن رئيس المكتب الإعلامي للرئيس الإيراني إحسان جهانديده قال إن طهران «وجهت دعوة رسمية للرئيس السوري بشار الأسد ليزور إيران»، مشيراً إلى أن الأسد سيشارك في قمة ثلاثية تجمعه بنظيره العراقي والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في العاصمة الإيرانية الاثنين المقبل.
وفي رده على إعلان استئناف العلاقات الدبلوماسية بين دمشق وبغداد، دعا البيت الأبيض سوريا إلى إظهار «التزام بناء» حيال الحكومة العراقية و«وقف تسلل المقاتلين الأجانب إلى العراق».
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، غوردن جوندرو، لوكالة «فرانس برس»: «لطالما شجعنا دول جوار العراق على المساهمة في دعم ومساعدة حكومة الوحدة في العراق». وأضاف: «على سوريا الآن أن تثبت أنها ملتزمة بالمساعدة على قيام عراق يمكنه أن يحكم نفسه ويتولى الدفاع عن نفسه».
ورحَّب رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير أمس، بإعادة العلاقات الدبلوماسية بين سوريا والعراق، ورأى فيها «إشارة إلى وجود إمكان قيام علاقة مختلفة» بين سوريا والأسرة الدولية.
وقال بلير: «ما حاولنا التوصل إليه هو أن تصبح سوريا داعمة للعراق بدلاً من أن تكون عاملاً معرقلاً»، مؤكداً أن ثمة فرقاً بين سوريا وإيران. وأوضح أن العلاقات مع سوريا «ليست بالضرورة نفس» العلاقات مع إيران. وأضاف: «إنكم تصنفان سوريا وإيران معاً، لكن ذلك ليس صحيحاً بالضرورة».
وحث الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان أمس، إيران وسوريا على أن تكونا «جزءاً من الحل» في العراق وعلى مساعدة حكومة بغداد على إنهاء الصراع الطائفي.
وقال أنان، في مؤتمر صحافي في جنيف، إنه «يمكن لدول الجوار أن تؤدي دوراً إيجابياً أو سلبياً» في هذا البلد، محذراً من أن «السلام في العراق لمصلحة جميع دول المنطقة». وأضاف: «لا تكمن المسألة في معرفة إذا كان ذلك لمصلحة الولايات المتحدة أو القوة المتعددة الجنسيات بل إن كان لمصلحة تسوية للنزاع».
ورأى أمين عام المنظمة الدولية أن القوات الأميركية «عالقة في فخ» العراق حيث لا يمكنها إبقاء قواتها أو سحبها، محذراً من أن على واشنطن إيجاد الوقت المناسب للانسحاب من دون إغراق البلاد في مزيد من الفوضى. وشدَّد أنان على وجوب أن تحدد الولايات المتحدة الوقت «الأنسب» لرحيل قواتها حتى لا يشهد الوضع المتأزم مزيداً من التفاقم عند سحب القوات.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز،
يو بي آي، أ ب)