علي حيدر
تفاوتت المواقف الإسرائيلية من إعلان وقف إطلاق النار مع الفصائل الفلسطينية، رغم إجماع المواقف الرسمية على الترحيب بالاتفاق، لكونه قد يمهّد الطريق نحو انطلاقة أكثر جدية لحل قضية الجندي الأسير جلعاد شاليط، بعدما عجزت آلتها العسكرية عن وقف صواريخ المقاومة، واعتراف القيادتين السياسية والعسكرية بأن لا حلول جذرية لمعضلة الصواريخ في المدى المنظور.
ورأى رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت أن وقف النار بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، بعد خمسة أشهر من القتال في قطاع غزة، قد يؤدي إلى «مفاوضات جادة وحقيقية ومفتوحة ومباشرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية... تؤدي إلى تسوية شاملة بين إسرائيل والفلسطينيين». وعبر عن أمله أن يشمل وقف إطلاق النار الضفة الغربية.
وأعلن أولمرت، خلال افتتاح مدرسة في مدينة راهط في جنوب فلسطين المحتلة، أنه أمر الجيش التزام «ضبط النفس خلال الأيام المقبلة». وتطرّق أيضاً إلى قضية الجندي الأسير. وقال: «أعتقد أن هذا التفاهم يمكن أن يساهم إلى حد بعيد في الإفراج سريعاً عن جلعاد شاليط».
بدوره، رأى النائب الأول لرئيس الحكومة شمعون بيريز، الذي رافق أولمرت في زيارته، أن «المشكلة ليست في وقف إطلاق النار بل في النهج»، مشدداً على «عدم وجود بديل لوقف إطلاق النار» وانه «لا توجد صعوبة في العودة إلى الحرب ولكن ليس هذا ما نريد».
وانضم بيريز إلى أولمرت في التعبير عن أمله أن يؤدي وقف إطلاق النار إلى عملية تسمح بالإفراج عن شاليط.
أما وزير الدفاع الإسرائيلي عامير بيرتس فهدّد من جهته باستئناف العمليات العسكرية في قطاع غزة في حال استمرار إطلاق الصواريخ الفلسطينية رغم اتفاق التهدئة.
وقال بيرتس في بيان: «إذا لم يكن (الرئيس الفلسطيني) محمود عباس (أبو مازن) والفصائل الفلسطينية الموقعة على اتفاق وقف إطلاق النار قادرين على فرض تطبيقه، فإن اسرائيل ترى أن ذلك بمثابة انتهاك لوقف إطلاق النار، وستتصرف من أجل الدفاع عن السكان المدنيين الإسرائيليين».
وتطرقت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني، في لقاء مع إذاعة الجيش، للاتفاق. وقالت إن إسرائيل «لا يمكنها أن تسمح بإطلاق صواريخ على مواطنيها»، مشيرة إلى أنه يجب إعطاء الفرصة للفلسطينيين كي يوقفوا إطلاق الصواريخ قبل أن تبادر إسرائيل إلى أي رد فعل. وأضافت: «واجبنا منع إطلاق الصواريخ، إذا كان بالإمكان أن يقوموا هم بهذا، فلا يوجد أفضل من ذلك، وإذا لم يتمكنوا فسنعمل نحن على منع إطلاق الصواريخ».
وأثنت ليفني على المجتمع الدولي لاهتمامه بتطبيق شروط «الرباعية الدولية».
ورأت أن هناك «بوادر إدراك لدى الفلسطينيين أنه لا يمكنهم الحصول على اعتراف دولي والاستمرار بالإرهاب في الوقت نفسه». وأضافت: «علينا أن نرى ذلك كبداية فرصة، وعلينا التعاون».
وأعربت ليفني أيضاً عن أملها أن يؤدي اتفاق وقف النار إلى مفاوضات «لإطلاق سراح جلعاد شاليط».
وقال وزير الأمن الداخلي آفي ديختر إن الفلسطينيين أعلنوا عن وقف إطلاق نار لأن إسرائيل كانت تستعد لحملة عسكرية واسعة في غزة، «الأمر الذي كان يمكنه أن يحوّل حياتهم إلى جحيم».
ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عن ديختر قوله: «إذا لم يلتزم الفلسطينيون وقف إطلاق النار، فستخرج الخطة العسكرية التي ستقدّم غداً لجلسة الحكومة إلى حيز التنفيذ». وأضاف: «ليس مهماً أي من التنظيمات لا يلتزم وقف إطلاق النار، فالحكومة الإسرائيلية ترى أن السلطة الفلسطينية هي المسؤولة عن خرق الاتفاق».
ونقلت الإذاعة الإسرائيلية أيضاً عن وزير الشؤون الاستراتيجية، اليميني المتطرف، أفيغدور ليبرمان، قوله إن «وقف إطلاق النار هو دليل على أنه فقط عبر حزم إسرائيل واستعدادها لتوسيع عملياتها ضد التنظيمات الفلسطينية والتهديد بالمس بقادة الفصائل، تتحقق النتائج». وبرأيه، يجب العمل في المرحلة الثانية بالطريقة نفسها من أجل وقف «تهريب الوسائل القتالية من سيناء إلى قطاع غزة».
في المقابل، صدرت ردود فعل غاضبة على الاتفاق من اليمين المعارض، إذ قال عضو الكنيست إيفي إيتام (الاتحاد القومي/ المفدال) إن أولمرت «يمنح حماس حصانة تُمكِّنها من الاستعداد والتسلح عن طريق التهريب عبر محور فيلادلفي». وأضاف إن «حماس تقلّد أساليب حزب الله في لبنان، وتوفر لنفسها وقتاً تقي نفسها هجمات الجيش للتنظيم والتسلّح، وستستخدم تلك الأسلحة لاحقاً لبدء هجوم جديد على إسرائيل في وقت ملائم للفلسطينيين».
وقال عضو لجنة الخارجية والأمن في الكنيست تسافي هندل: «إن وقف إطلاق النار يمنح على طبق من ذهب وقتاً للتنظيمات للتسلح للمعركة المقبلة».