من ساحة تيانانمين في الصباح الى الساحة الحمراء بعد الظهر، ثم من واشنطن إلى برلين وباريس وليفربول، كلها رحلات تجري على المنوال السريع نفسه.لا مكان للراحة عند السفر مع وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، التي يمكن أن تسافر إلى ثلاث دول في اليوم نفسه للبحث في شأن أكثر من قضية، تروي شاهدة صحافية رافقت رايس في بعض رحلاتها.
منذ أن تولّت رايس منصبها في كانون الثاني عام 2005، زارت أكثر من 75 دولة وقطعت ما يقرب من 800 ألف كيلومتر.
وكانت أطول رحلاتها في آذار الماضي، عندما قطعت 50358 كيلومتراً من تشيلي إلى اندونيسيا ثم أوستراليا، وتوقفت طائرتها للتزود بالوقود في موريشيوس، حيث استغل بعض مساعديها الوقت للسباحة في المحيط الهندي وفي باجو باجو في ساموا الأميركية وفي وندهوك بناميبيا، حيث غطت آلاف الخنافس العملاقة أرض مهبط المطار في مشهد لا ينسى.
ولا يعرف في كل مرة أين ستنتهي الرحلة، إذ تحاط بعض الرحلات إلى أماكن خطيرة مثل بغداد وكابول بالسرية حتى لحظة هبوط الطائرة حفاظاً على سلامتها.
ويُخصص الجزء الخلفي على طائرة رايس للصحافيين وتفصلهم دورات المياه عن مساعديها وقمرتها الخاصة. وعادة ما يسافر مع رايس نحو 12 صحافياً تعرف معظمهم بالاسم وتداعب في بعض الأحيان من رأته في صالة الألعاب في الفندق أو تناقش التحركات في مباراة لكرة القدم الأميركية، وتلفت الى أن الوظيفة التي تحلم بها هي أن تصبح رئيسة اتحاد كرة القدم الأميركية.
وعادة ما تمد رايس سريراً في قمرتها عندما تسافر في رحلات طويلة، ولكن عرف عنها أنها قد تعيره لضيوفها. وكان أحد هؤلاء الضيوف وزير الخارجية البريطاني السابق جاك سترو الذي كان يتعافى من نزلة برد شديدة عندما رافقها في رحلة إلى بغداد. وعلم سترو لاحقاً أن رايس استلقت على الأرض خارج القمرة بينما نام هو في فراشها، وأسهبت وسائل الإعلام في عرض القصة.
ويهدر التنقل بين المناطق الزمنية ساعات النوم لتصل في بعض الأحيان إلى ساعات معدودة أثناء الليل. ومع بلوغ التعب ذروته، تتزايد قائمة ما يفقده الصحافيون مثل الهواتف المحمولة والمفكرات والنظارات ومستحضرات التجميل وزجاجات الأدوية.
تروي الشاهدة «في آخر رحلة مع رايس إلى روسيا وآسيا، أخذت معي ستة هواتف محمولة وجهاز بلاكبيري (للاتصالات). واصطحبت معي هاتفاً لإجراء اتصالات في اليابان وآخر لكوريا الجنوبية وثالثاً للصين ورابعاً للاتصال بالولايات المتحدة واثنين للاتصالات عن طريق الأقمار الاصطناعية في حالة زيارة مفاجئة لبغداد أو أي مكان آخر».
وتضيف «خلال رحلة للمنطقة الخضراء في بغداد، في يوم شهد هطول أمطار غزيرة، تحوّلت مفكرتي إلى أوراق بالية وأنا أحاول نقل قصة إلى مكتب (رويترز) في لندن جرياً وسط مياه تصل حتى الركبة، من مركبة مدرعة إلى المركز الصحافي في واحد من قصور (الرئيس العراقي السابق) صدام (حسين) وهي مسافة تبلغ حوالى 800 متر». وتتابع «بعد ذلك كتبت ملحوظة لتذكرني بأن تكون هناك مظلة في متناول يدي وأن أكتب بالقلم الرصاص».
وتبدو على رايس أحيانا قسوة وظيفتها مثلما حدث عندما تناثر على ملابسها زيت محرك طائرة الهليكوبتر التي أقلتها إلى بيروت في تموز الماضي خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان.
(رويترز)