الوضع المتدهور في العراق، يدفع الإدارة الأميركية بقوة إلى الشرق الأوسط، للبحث عن مقومات تحقيق الاستقرار، تحسّباً لتوسّع رقعة المواجهة، وفتح جبهات جديدةيبدأ الرئيس الأميركي جورج بوش غداً جولة شرق أوسطية، عنوانها العراق، إلا أنها تحمل أكثر من غاية، أولها قضية الشرق الأوسط، مع ظهور مواقف إسرائيلية “منفتحة” على الحل، وهو ما قد يكون محور لقاء بين بوش والرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي سيزور عمان خلال فترة وجود الرئيس الأميركي فيهاويرى مراقبون أن تشعّب زيارة بوش، التي تهدف أيضاً إلى تحقيق الاستقرار في أفغانستان، يصب في خانة تهيئة الأجواء لمواجهة محتملة مع إيران على خلفية برنامجها النووي، وامتداد نفوذها في العراق ولبنان. ولهذه الغاية يهدف الرئيس الأميركي إلى إضفاء أجواء التهدئة على الجبهات المشتعلة في المنطقة، بدءاً من العراق مروراً بفلسطين، وصولاً إلى سوريا، في محاولة لفك ارتباطها مع طهران.
وبدأ الملك الأردني عبد الله الثاني تهيئة الأجواء لزيارة بوش، بلقاء معارضين عراقيين، على رأسهم رئيس هيئة العلماء المسلمين حارث الضاري.
وشدد عبد الله الثاني، بعد لقائه الضاري، على استعداد بلاده “لتقديم كل الدعم اللازم لإنجاح جهود المصالحة الوطنية وعودة الوئام بين أبناء الشعب العراقي الواحد”. وقال، حسب بيان صادر عن الديوان الملكي، إن “مساهمة جميع أبناء الشعب العراقي بمختلف مذاهبهم الدينية وتوجهاتهم السياسية هي الأساس في إخراج العراق من الأزمة الحالية التي يمر بها”.
ويجري عبد الله الثاني اليوم مباحثات مع الرئيس الفلسطيني، تستهدف الدفع بالعملية السلمية في الشرق الأوسط إلى الأمام، وسماع الموقف الفلسطيني من تطورات الأوضاع لنقله إلى الإدارة الاميركية، راعية عملية السلام في المنطقة.
وقال مصدر أردني إن عبد الله الثاني سيركز خلال لقائه بوش ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الخميس “على ضرورة إدراك أن مشكلة التدهور الأمني في العراق لن تحل إلا من خلال التوصّل إلى تسوية سياسية بين جميع مكونات الشعب العراقي وعدم تهميش أي فئة في بناء مستقبل العراق، والوقوف ضد المحاولات الهادفة لزرع الفتنة بين العراقيين”.
وفي هذا السياق، رأى الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية، ناصر جودة، زيارة الرئيس الأميركي في “غاية الأهمية”. وقال إن المباحثات “ستتطرق إلى المشاكل العالقة والراهنة في المنطقة، والتي هي بحاجة لبذل كل الجهود للوصول إلى حلول لها مثل القضية الفلسطينية والعراق ولبنان”.
وذكرت مصادر فلسطينية مطلعة أن الرئيس الفلسطيني سيلتقي بوش، على الأرجح، في مدينة العقبة. وأضافت إن لقاء عباس وبوش سيتناول مجمل الأحداث على الساحة الفلسطينية، ولا سيما التهدئة مع إسرائيل وجهود تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية.
إلا أن المتحدث الرسمي باسم السفارة الأميركية في عمان ديفيد فرين قال إن جدول زيارة بوش إلى العاصمة الأردنية لا يتضمن لقاءً من عباس. وتابع: «نحن لسنا متأكدين مما إذا كان الرئيس الفلسطيني سيأتي إلى الأردن خلال وجود الرئيس بوش».
كما نفى فرين أنباء تحدثت عن احتمال لقاء الرئيس الأميركي في عمان بشخصيات عراقية معارضة، قبيل لقائه المالكي الخميس. وقال: «بالنسبة إلى العراقيين، الأنباء التي تحدثت عن لقاءات بين الرئيس بوش ومعارضين عراقيين في عمان غير صحيحة على الإطلاق»، مشيراً إلى أن جدول أعمال بوش المتعلق بالعراق محصور بلقائه مع المالكي.
غير أن مصادر في وزارة الخارجية الأميركية أشارت إلى أن وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس، التي ترافق بوش خلال زيارته إلى عمان، قد تعقد لقاءين منفصلين مع عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت.
وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، شون ماكورماك، قد أعلن أن رايس سترافق بوش إلى الأردن حيث ستشارك في “منتدى المستقبل” لنشر الديموقراطية والإصلاح في الشرق الأوسط.
وفي هذا السياق، قالت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية أمس إن مصادر سياسية إسرائيلية تتوقع أن تزور رايس إسرائيل والأراضي الفلسطينية خلال الأسبوع الجاري لدعم وقف إطلاق النار بين إسرائيل والفلسطينيين في قطاع غزة.
ومن المقرر أن يشارك بوش اليوم الثلاثاء في قمة حلف شمالي الأطلسي في العاصمة اللاتفية ريغا من أجل حث حلفائه على الالتزام بشكل أكبر في افغانستان، حيث يمكن أي تدهور للوضع أن يوجه له ضربة موجعة في ظل الصعوبات التي يواجهها في العراق.
وقال المسؤول الثالث في وزارة الخارجية الاميركية، نيكولاس بيرنز، إن “المسألة التي تحتل الأولوية بالنسبة إلينا هي أفغانستان”.
وتشدد الإدارة الأميركية على أن مهمة حلف شمالي الأطلسي في أفغانستان قد تكون الأكثر أهمية بالنسبة إلى مستقبل الحلف.
ويرى الجنرال جوزف رالستون، قائد قوات حلف الأطلسي في أوروبا بين عامي 2000
و2003، أن أي “فشل عسكري في أفغانستان... سيكون كارثياً بالنسبة إلى الحلف”.
وسيطغى العنف المتزايد والتوتر السياسي في العراق على قمة حلف شمالي الأطلسي. ويقول محللون إن مساعي بوش لدعم مهمة الحلف في أفغانستان قد تقوّض بسبب انزلاق العراق أكثر فأكثر نحو حرب أهلية، وهزيمة حزبه الجمهوري المحرجة في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس.
وإلى جانب سعيه للحصول على مزيد من القوات، يريد بوش أيضاً من الدول أن تخفف القيود التي تفرضها على قواتها، مثل منعها من القيام بعمليات خلال الليل أو الدخول في معارك.
كما يأمل بوش أن يوطد الحلف علاقاته بحلفائه في آسيا والمحيط الهادي مثل اليابان وأوستراليا وكوريا الجنوبية والدول الاسكندنافية مثل فنلندا والسويد، إلا أن هذه الفكرة لا تلقى ترحيباً من بعض الدول في الحلف.
(الأخبار، أ ب، أ ف ب،
رويترز، د ب أ)