القاهرة ــ الأخبار
خرج وزير الثقافة المصري فاروق حسني منتصراً وهزمت كل الآمال المعلقة عليه في أزمة الحجاب، وأعلن استعداده لحضور جلسة مجلس الشعب يوم الأحد المقبل على أن يكون ذلك أمام لجنة عامة، لا لجنة الشؤون الدينية.
وأعلن حسني موافقته هذه، خلال اجتماع خاص مساء أول من أمس مع الهيئة البرلمانية للحزب الوطني الحاكم، تعهّد فيه نواب الحزب مساندته ضد نواب كتلة الإخوان المسلمين.
وبدت الجلسة في بدايتها مشحونة، رغم أن الأمين العام للحزب الحاكم رئيس مجلس الشورى صفوت الشريف قام بشرح وجهة نظر الوزير قبل اللقاء، وحصل على تعهد النواب عدم مواجهة حسني أو مهاجمته.
واحتوى وزير الشؤون البرلمانية والقانونية مفيد شهاب الموقف، الذي وصل في بعض الأحيان إلى المشادة، عندما قال حسني إنه لم يتحدث عن الحجاب كشريعة إسلامية، ولكنه تحدث عن شكل الحجاب وانتقد فيه فقط تقليد المصريات للحجاب الإيراني والأفغاني.
وأضاف حسني، أمام أعضاء الهيئة البرلمانية للحزب الحاكم، إنه «كان يقصد الذوق في ظاهرة الحجاب، وإن حديثه كان في سياق شخصي لصديقة جديدة على عالم المحجبات، واستغلت صحافية من بين الحضور الموقف ونقلته إلى الصحافة، وهو ما تسبب في الأزمة. إلا أنه رفض الاعتذار عن كلامه، مشيراً إلى أن كلامه تم اقتطاعه من سياقه.
على صعيد آخر، ساد الغضب الأوساط الثقافية المصرية، التي رأت أن حسني قدّم لـ«الإخوان المسلمين» غنيمة كبيرة، عندما أعلن قراره إنشاء لجنة للثقافة الدينية تضاف إلى لجان المجلس الأعلى للثقافة. وأشارت إلى أن قرار الوزير هو عودة إلى «مكارثية ثقافية»، سبق ورفضها المثقفون، وانتقدوا تدخّل الأزهر ومجمع البحوث الإسلامية، عندما أصدر قراراً بمنح حق الضابطة القضائية لأعضاء مجمع البحوث الإسلامية.
ويذكر أن فاروق حسني أنهى اعتكافه أول من أمس. وكان أول ما فعله الاتصال بعدد من الصحافيين المتابعين لشؤون الوزارة.
وقال حسني، في لقائه مع الصحافيين، إن «الأزمة الأخيرة كشفت له أن السياسة الثقافية فى الوزارة ينقصها شيء هام وجوهري هو لجنة للثقافة الدينية»، معلناً تأسيس هذه اللجنة، التي تضم «مجموعة مختارة من العلماء من الجانبين الإسلامي والمسيحي».
وأوضح حسني أن مهمة اللجنة هي «البحث في القضايا الخلافية مثل الحجاب، والإشراف على المطبوعات الصادرة عن الوزارة».
إلا أن الأمين العام للشُعَب واللجان في المجلس الأعلى للثقافة عماد أبو غازي قال إنه «لا يعرف شيئاً عما قاله الوزير»، ولم تصدر تعليمات حتى الآن بشأن هذه اللجنة.
ورغم تعاطف عدد كبير من المثقفين، حتى المختلفين مع وزير الثقافة، في أزمته السياسية الأخيرة، وهو ما دفع بعضهم إلى التوقيع على بيان لمناصرته، إلا أن قراره الأخير بشأن تشكيل لجنة دينية تتبع وزارة الثقافة سيوسّع مجال المعركة من قضية خاصة بالحجاب إلى قضية الحريات بصفة عامة، وستدخل الوزارة كأحد الأطراف التى يجب التصدر لقراراتها. وهو ما يؤكده الباحث في شؤون الأديان نبيل عبد الفتاح، الذي يرى أن «استراتيجية الحزب الوطني في التعامل مع الأزمة الأخيرة كشفت ضعف الدولة، وتآكل مواريثها السياسية الحداثية، وإصابة أركان النظام وفاعليه الرئيسيين بالوهن الشديد وعدم قدرتهم على المناورة السياسية».