strong>الحديث عن “محور المعتدلين” بدأ يتظهّر عملياً في اجتماعات وتصريحات عقدتها وأطلقتها وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، فواقع الحال يتحدى أي نفي، و“سياسة المحاور” ستتبلور على الساحة العربية
أطلقت وزيرة الخارجية الأميركية من السعودية ومصر أمس مشروع “محور المعتدلين”، في مواجهة “المتطرفين”. ورغم النفي المصري لتأليف هذا المحور، قالت رايس، في مؤتمر صحافي في جدة مع نظيرها السعودي سعود الفيصل، إنه من الضروري “مساعدة القوى المعتدلة في مواجهة القوي المتطرفة”، حاملة على سوريا لعدم مساندتها “المعتدلين”.
وانتقدت رايس بشدة دمشق، واتهمتها بأنها «لا تدعم الأنظمة المعتدلة في المنطقة بل تسهل عملية نقل السلاح الى حزب الله وتدعم الفصائل الإرهابية في فلسطين». وقالت إن «لدى سوريا دوراً سلبياً في المنطقة من خلال تدخلها في الشؤون الداخلية اللبنانية وتهديد استقرار لبنان لذلك فإن الإدارة الأميركية ستستمر في التشاور والتنسيق مع كل من السعودية ومصر والأردن لدعم السلطة الفلسطينية وكل القوى التي تحارب الإرهاب في المنطقة».
وأعربت رايس عن قلقها إزاء أزمة الملف النووي الإيراني، مطالبة طهران بضرورة وقف عمليات تخصيب اليورانيوم والالتزام بمطالب المجتمع الدولي في هذا الشأن. وأضافت «لقد ناقشنا ما يقلقنا بالنسبة إلى إيران وبرنامجها النووي وقدمت شرحاً موجزاً إلى الملك عبد الله بن عبد العزيز ووزير الخارجية حول نقص التقدم».
ودعت رايس الفلسطينيين إلى التوقف عن الاقتتال الداخلي. وقالت إن الفلسطينيين بحاجة إلى حكومة ملتزمة بالإطارات الدولية القائمة بالفعل لمحادثات السلام، بما في ذلك الاعتراف بإسرائيل ونبذ العنف.
في المقابل، شدد وزير الخارجية السعودي على «دعم الدول العربية للشعب الفلسطيني لتجاوز الأزمة الحالية والضائقة الاقتصادية الخانقة»، مطالباً الإدارة الأميركية بممارسة الضغط على إسرائيل لتسهيل تحويل الدعم العربي للشعب الفلسطيني.
وشدد الفيصل على ضرورة «التركيز على القضايا الجوهرية وعدم تبديد الوقت والجهد على المسائل الإجرائية وأن تتواءم مع مبادئ الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن وخريطة الطريق ومبادرة السلام العربية».
كما أكد الفيصل على الدعم السعودي للبنان في جهود الإعمار والبناء وتجاوز الخراب والدمار الذي خلفه «الاعتداء الإسرائيلي» في الحرب الأخيرة وتنشيط الاقتصاد اللبناني. وقال إن المملكة «ترى أهمية جعل المنطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، وفي مقدمتها السلاح النووي». أضاف «نأمل حل الملف النووي الإيراني سلمياً عبر المفاوضات بين إيران ومجموعة الخمس زائد واحد (الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين إضافة إلى ألمانيا)، وخصوصاً في ظل وجود قواسم مشتركة بين الطرفين المتمثلة في تأييد كليهما لدور الوكالة الدولية للطاقة الذرية وعليه فإنه يبقى موضوع التخصيب الذي يظل نقطة الخلاف الرئيسية بين الطرفين ويعوّق الاتفاق في ما بينهما، وخصوصاًَ في ظل الشكوك المتبادلة».
إلى ذلك، عقدت الوزيرة الأميركية بعد وصولها إلى القاهرة محادثات مع نظيرها المصري أحمد أبو الغيط تناولت الأوضاع في فلسطين والسودان.
وقال أبو الغيط، للصحفيين بعد المحادثات، إنه بحث مع رايس “الاتجاه نحو عقد لقاء بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي (إيهود أولمرت)”. أضاف إن المحادثات تناولت “الكيفية التي يمكن من خلالها تهيئة المناخ من أجل العودة الى طاولة المفاوضات (بين الإسرائيليين والفلسطينيين)”.
كما عقدت الوزيرة الأميركية محادثات مع وزراء خارجية مصر والأردن والسعودية والكويت وقطر والبحرين والإمارات وسلطنة عمان، في محاولة لتأليف “محور المعتدلين”.
في هذا السياق، نفى أبو الغيط أن يكون الاجتماع يعني تأليف محور على الساحة العربية. وقال إن “مثل هذه المحاور والتقسيمات غير واردة بالمرة” على الساحة العربية.
وذكر أبو الغيط بأن اجتماعا مماثلاً عقد قبل أسبوعين في نيويورك، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، تركز على ضرورة تحريك عملية السلام. وأضاف“أثير الكثير من النقاط خلال اجتماع نيويورك، وهو الأمر الذي رأت فيه الوزيرة الأميركية أن الاجتماع كان مفيداً للغاية وساعد على تأليف بعض الأفكار لديها، لذلك طلبت عقد هذا الاجتماع الآخر في القاهرة”.
(أ ب، رويترز، أ ف ب، واس)