تهز البحرين، التي تستعد لإجراء انتخابات بلدية وتشريعية، أزمة تسبب فيها تقرير مثير للجدل أصدره سوداني يحمل الجنسية البريطانية، تضمن ادعاءات بتورط مسؤولين حكوميين في خطة سرية لاقصاء الشيعة والتلاعب بنتائج الانتخابات.وطالبت القوى السياسية البحرينية من مختلف الاطياف، في اتفاق نادر بينها، باجراء تحقيق مستقل في ما تضمنه التقرير الذي وضعه صلاح البندر، وسلمت نسخ منه الى السفارات الاميركية والبريطانية والالمانية في المنامة، قبل ان يُطرد من البحرين بتهمة “التجسس”.
وطالب الامين العام لجمعية الوفاق الوطني الاسلامية، التيار الرئيسي في الاوساط الشيعية، الشيخ علي سلمان، “بتأليف لجنة تحقيق حيادية، لأن الموضوع استثنائي وما تضمنه التقرير خطير، ويمس الوحدة الوطنيةوقال سلمان “يتعين ان ترأس هذه اللجنة شخصية مستقلة يُتوافق عليها بين الحكومة والمعارضة. ليكن قاضياً مشهوداً له بالنزاهة، أو شخصاً معروفاً بحياده ويوكل إليه تأليف فريق تحقيق، ويُعطى صلاحية اجراء التحقيق، والوصول إلى أي معلومات تطلبها اللجنة”، معتبراً أن “صدقية السلطة تضررت، وما كانت هواجس وشكوك تحولت لدى الكثيرين الى أكثر من ذلك”.
ويتهم البندر، في تقريره، “منظمة سرية” داخل الحكومة بالعمل من اجل “حرمان جزء أساسي من مواطني البلد من حقوقهم”، في اشارة الى الشيعة.
بدوره، طالب الامين العام لجمعية العمل الوطني الديموقراطي، التيار اليساري والقومي، ابراهيم شريف بـ“إبعاد المسؤولين الواردة أسماؤهم في التقرير، وخاصة المسؤولين في الجهاز التنفيذي للانتخابات، الى ما بعد الانتخابات”.
وتُجري البحرين في 25 تشرين الثاني المقبل ثاني انتخابات تشريعية وبلدية منذ انطلاق الاصلاحات السياسية عام 2001.
وقال شريف “يتعين تأليف لجنة مستقلة تشرف على الانتخابات، يعيّنها مجلس النواب أو بالاتفاق بين رأس الدولة ومجلس النواب”.
أما الامين العام لجمعية العمل الاسلامي، وهي شيعية تمثل تيار الشيرازيين، الشيخ محمد المحفوظ، فرأى من جهته ان “تعيين مدير تنفيذي للانتخابات من خارج الجهاز المركزي للمعلومات خطوة استباقية من الحكومة لتجاوز ردود الفعل حيال المزاعم الواردة في التقرير حول وزير شؤون مجلس الوزراء الشيخ احمد بن عطية الله خليفة” الذي يتهمه التقرير بـ“إدارة الخطة السرية لاقصاء الشيعة”.
وكان بن عطية الله خليفة قد أعلن في 25 أيلول الماضي أن “البندر فُصل من عمله، في وزارة شؤون مجلس الوزراء، بعدما حاول اختراق قاعدة البيانات الحكومية”، معتبراً التقرير “محاولة مفبركة لخلخلة الوحدة الوطنية والتشكيك في الانتخابات، وفي مجموعة من الشخصيات المرتبطة بالانتخابات ومنظمات المجتمع المدني”.
الى ذلك، أعلن المحامي البحريني عبد الله الشملاوي أمس أن النيابة العامة أحالت البندر الى محكمة الجنايات العليا بتهمة “سرقة مستندات رسمية، والاستيلاء عليها”.
وقال الشملاوي “أُحيل موكلو صلاح البندر الثلاثاء الى المحاكمة بتهمة سرقة أوراق رسمية والاستيلاء عليها فقط. ولم ترد في لائحة الدعوى تهمة التجسس، ولا محاولة اطاحة نظام الحكم” التي وردت في وسائل الاعلام المحلية، عقب اعتقال البندر وترحيله.
واضاف الشملاوي “ما زلت انتظر توكيلاً من البندر للترافع عنه امام المحكمة. بلّغني البندر أن السفارة البحرينية في لندن رفضت التصديق على التوكيل الذي كتبه لي، وما زلت في انتظار التوكيل”.
ولم يحدد الشملاوي موعداً لبدء المحاكمة، لكنه أشار إلى أن البندر أبلغه “في مكالمة هاتفية من لندن، انه مستعد للحضور الى البحرين والمثول امام المحكمة، لكنه يطلب ضمانات”.
واصدرت المحكمة الجنائية في البحرين أمس قراراً بمنع نشر أي اخبار أو تعليقات أو معلومات في شأن القضية، وفق ما أعلنته وكالة أنباء البحرين الرسمية، التي أشارت الى أن القرار اتُخذ “بعدما دأبت بعض الصحف على تناول موضوع القضية بصورة من شأنها الاضرار بالمصلحة العامة، واثارة الفتن بين افراد المجتمع”.
(أ ف ب)