بعد الهدوء الذي شهدته الساحة العراقية السياسية في ظل توقيع «وثيقة العهد» بين مختلف الكتل البرلمانية التي حرّمت الدم العراقي وأطلقت مرحلة جديدة من الحراك السياسي قد تمهّد الى حل الخلافات، رأت الإدراة الأميركية نفسها مضطرة للتدخل السريع في هذا الأمر، فأوفدت وزيرة خارجيتها كوندوليزا رايس الى بغداد، في زيارة مفاجئة أمس، والتي رأت أن ما يجري، وهو حراك لافت في اتجاه التوافق، هو «جمود سياسي»، وبالتالي يجب «حث الزعماء العراقيين على حل خلافاتهم»، على الطريقة الأميركية.وحثت رايس المسؤولين العراقيين أمس على وقف العنف. وقالت، للصحافيين الذين يرافقونها في جولتها الشرق أوسطية على متن الطائرة، «من الواضح أن الوضع الأمني لا يمكن تحمله كما ان مساعدته لا تكون عبر الجمود السياسي. فهم (المسؤولون العراقيون) لا يملكون الوقت لنقاش لا ينتهي حول هذه المسألة».
وأوضحت الوزيرة الأميركية «دورنا هو دعم جميع الأطراف، وفي الواقع الضغط على كل الأطراف للعمل من أجل التوصل لهذا الحل بسرعة لأن من الواضح أن الوضع الطائفي ليس الوضع الذي يمكن تحمله أو الذي يفيد فيه عدم اتخاذ إجراء سياسي».
وأشارت رايس الى أنها ستدعو «الطبقة السياسية العراقية المنقسمة على ذاتها الى العمل معاً لوقف العنف الطائفي الآخذ بالتصاعد». وأضافت «اعتقد ان هذه هي الرسالة التي يريد رئيس الوزراء (نوري) المالكي توجيهها وهي رسالة نحاول توجيهها نحن أيضاً. يجب ان يكون من الواضح جداً للجميع وخصوصاً للحكومة العراقية بأن هذه الأمور مسائل ملحة».
ووصلت رايس الى بغداد آتية من تل أبيب، على متن طائرة من طراز «هركوليس سي ـ130» استقلتها من قاعدة عسكرية في تركيا. وذكر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية شون ماكورماك أن وصول وزيرة الخارجية تأخّر لمدة 30 دقيقة بسبب «نيران غير مباشرة» في مجمع المطار. وظلت طائرتها تحلق في الجو الى أن اعتبر الوضع آمناً لهبوطها.
وقال المتحدث باسم السفارة الأميركية في العراق لو فنتور إن رايس التقت، فور وصولها، المالكي، مضيفاً أنها ستلتقي مسؤولين عراقيين وأميركيين. وأفاد مصدر في رئاسة الجمهورية العراقية أن الوزيرة الأميركية التقت الرئيس جلال الطالباني، مساء أمس، على مأدبة إفطار.
وتأتي زيارة رايس وسط إعلان الجيش الأميركي أمس أنه يقترب أكثر فأكثر من زعيم تنظيم «القاعدة» في العراق أبو أيوب المصري، مدبّر العديد من التفجيرات الدموية.
وقال المتحدث باسم الجيش العقيد باري جونسون، لوكالة «فرانس برس»، «نستمر بالاقتراب أكثر فأكثر من هذا الشخص، نريد القبض عليه». لكنه نفى معلومات أشارت الى مقتل المصري على يد قوات الاحتلال، قائلاً «كلا هذا ليس صحيحاً».
وذكر بيان للجيش الأميركي أنه «تم اعتقال أحد مساعدي أبو أيوب في بغداد»، و«يعتقد أنه أحد سائقيه الشخصيين». ولم يذكر البيان اسم المعتقل.
من ناحية أخرى، ذكر السفير الأميركي لدى العراق زلماي خليل زاد، أمام فريق يعنى بشوؤن الإعمار في محافظة ديالى، خلال زيارته مدينة بعقوبة أمس، «من المهم أن نعرف أن أخطاء ارتكبت خلال السنوات القليلة الماضية عندما تصرف مسؤولون أميركيون بطريقة متعجرفة ولم يستمعوا الى نصائح قادة محليين».
على صعيد آخر، أعلن قائد قوات الاحتلال الجنرال الأميركي جورج كايسي أمس أن الأشهر الستة المقبلة ستكون «حاسمة» لمستقبل العراق.
وقال كايسي، في بيان في ختام مؤتمر دولي مغلق في العاصمة البولندية ضم مسؤولين عسكريين من 36 دولة بينها العراق، «ستكون فترة حاسمة للجميع والكل يعرف ذلك. والأشهر الستة المقبلة ستكون فترة حاسمة ستحدد مستقبل العراق».
ميدانياً، قتل ستة عراقيين وأصيب 22 آخرون في هجمات متفرقة أمس، بينهم ثلاث نساء وطفلة. وأوضح سكان ومسؤولون قي مستشفى أن «مسلحين اقتحموا منزلاً في مدينة السماوة (جنوب العراق) في ساعة متأخرة (من مساء أول من أمس) وقتلوا بالرصاص ثلاث نساء وذبحوا طفلة رضيعة. وقال السكان إن القتيلات من الشيعة، وهنّ أمّ، وزوجتا ابنيها وحفيدتها التي تبلغ من العمر 18 شهراً.
وأعلنت وزارة الدفاع العراقية أمس اعتقال 82 «إرهابياً» في مناطق متفرقة من بغداد، فضلاً عن «اعتقال عشرات المشتبه فيهم في الرمادي وديالى وصلاح الدين وكركوك».
واتهم قيادي في «جيش المهدي»، الجناح العسكري لـ«التيار الصدري»، القوات الأميركية بمحاولة استفزاز التيار وجرِّه إلى مواجهة عسكرية، وذلك بعد حملة المداهمات التي نفذتها تلك القوات في مدينة الصدر شرقي بغداد.
الى ذلك، شدّد نائب الرئيس العراقي عادل عبد المهدي أمس على ضرورة تطبيق النظام الفيدرالي في العراق، معتبراً أن هذا النظام هو «من ضرورات تشكيل النظام السياسي العراقي كالديموقراطية والدستور والبرلمان والحكومة. وإذا تأخر مجلس النواب عن القيام بهذا العمل، فسيكون الأمر خذلاناً للفكرة الأساسية لعراق جديد».

(الأخبار، أ ف ب، رويترز،
أب، يو بي آي)