strong>أجمعت الأطراف العراقية على أن الانتهاء من الميليشيات سيأتي في إطار المصالحة الوطنية، التي يبدو أنها تحقق تقدماً، بعد التوقيع على «وثيقة العهد». إلا أن الوقائع على الأرض لا تشير إلى تجاوب أميركي؛ فقد كانت الديوانية أمس مسرحاً لحملة شهدت اشتباكات مع مسلحين «شيعة»، نفى «جيش المهدي» أي علاقة له بهم، إلا أن استمرار عمليات من نوع كهذا قد يستدرجه إلى معركة تهدد بانفراط المصالحة الوطنيةغداة اعتقال القوات العراقية 184 شخصاً ومصادرة مئات الأسلحة في حملة أمنية في مدينة كركوك الشمالية، انتقلت المواجهات جنوباً إلى الديوانية حيث خاضت قوات عراقية ــ أميركية مشتركة اشتباكات ضارية، شاعت أنباء عن أنها مع «جيش المهدي» الذي نفى تورطه، خرقت خلالها قوات الاحتلال اتفاقاً يقضي بعدم تسيير دوريات أو القيام بعمليات دهم في المدينة خلال شهر رمضان.
وأعلن الجيش الأميركي، في بيان، مقتل حوالى ثلاثين «إرهابياً» واعتقال أربعة بينهم «مسؤول كبير» خلال مواجهات الديوانية. وأشار البيان إلى أن «قوة مشتركة كانت في طريقها لاعتقال مسؤول رفيع المستوى عندما هوجمت بقاذفات صواريخ وأسلحة خفيفة». وأوضح أن «دبابة أبرامز أُصيبت بثلاثة صواريخ (آر بي جي) ألحقت أضراراً كبيرة بها، وسرعان ما ردت القوة المشتركة على مصادر النيران، وهو الأمر الذي أدى إلى مقتل 30 إرهابياً، وسحب الآلية المعطوبة».
وذكر الجيش الأميركي أنه «خلال العملية، واصلت مفرزة من الجيش العراقي مهمتها واعتقلت المسؤول الكبير الذي يشتبه في تورطه بقتل عدد من عناصر الجيش العراقي في 28 آب الماضي، بالإضافة إلى ثلاثة آخرين».
وقال مصدر أمني في قيادة شرطة الديوانية إن «السلطات فرضت حظر تجول شامل للأفراد والمركبات إثر مواجهات اندلعت بعدما دهمت قوة عسكرية مشتركة أميركية ــ عراقية منازل في حي سالم وسط المدينة بحثاً عن مطلوبين فجراً».
والأحياء الجنوبية في الديوانية هي معقل لـ «جيش المهدي» الموالية للزعيم الشيعي مقتدى الصدر. إلا أن مسؤولاً في «جيش المهدي» نفى أي ضلوع في القتال وألقى باللوم على مسلحين مارقين، مشيراً إلى أن الصدر أمر «جيش المهدي» بعدم مهاجمة أحد «بمن في ذلك الأميركيون».
لكن مصدراً في مكتب «الشهيد الصدر» في المدينة أفاد بأن قوة دهمت «منزل كفاح الكريطي، مسؤول جيش المهدي في حي الجمهوري، فاندلعت اشتباكات أدت إلى إعطاب آليتين أميركيتين وإصابة ثلاثة من جيش المهدي بجروح».
واتهم المصدر القوات الأميركية بـ «إثارة البلبلة وعدم الاستقرار، وخصوصاً أن الاتفاق الذي وقع معها يقضي بعدم تسيير دوريات أو القيام بعمليات دهم خلال رمضان... لديها نيات للقيام بعملية واسعة ضد جيش المهدي ومحاولة دخول مدينة الصدر» شرقي بغداد. وأضاف أن «رئيس الوزراء (نوري المالكي) يرفض بشدة دخول القوات المذكورة هذه المدينة لما لذلك من انعكاسات خطرة على الوضع الأمني في عموم العراق».
من ناحية أخرى، قتل 15 عراقياً وأُصيب آخرون، في هجمات متفرقة في بغداد والفلوجة وبعقوبة، بينهم طفل وعقيدان في الشرطة، فيما أعلن الجيش الأميركي مقتل اثنين من جنوده أول من أمس في هجومين منفصلين.
وارتفع عدد أفراد القوات الأميركية الذين أصيبوا بجروح في العراق إلى أعلى مستوى له منذ نحو عامين. وبحسب مصادر وزارة الدفاع الأميركية، فإن 776 جندياً أميركياً أصيبوا بجروح الشهر الماضي في العراق.
وكشفت صحيفة «إندبندنت أون صنداي» الصادرة في لندن أمس أن «عملية سندباد»، التي تنفذها القوات البريطانية في البصرة «لاستئصال فرق الموت وبسط السيطرة المدنية على المدينة، واجهت مشاكل سياسية ونجمت عنها هجمات انتقامية، وأثارت الشكوك في جدوى الوجود العسكري البريطاني برمته في العراق».
وقال أحد شيوخ العشائر العراقية في الأنبار أمس إن مجلس «صحوة الأنبار» الذي يضم العديد من عشائر المحافظة «سيدعو قريباً» إلى عقد مؤتمر شامل «سيحضره جميع» الوجهاء.
وطالب رئيس ديوان الوقف الشيعي في العراق صالح الحيدري أمس علماء الدين السعوديين بإصدار فتوى وبيان بتحريم قتل المواطن العراقي الشيعي أو السني.
وقال الحيدري، في تصريح صحافي: «نطالب بهذه الفتوى تزامناً مع انعقاد مؤتمر علماء الدين في مكة المكرمة، إذ يجب إصدار فتوى صريحة بضرورة منع تكفير الشيعي أو السني». واضاف رئيس ديوان الوقف الشيعي: «نحن واثقون بأن هذه التعليمات بخصوص قتل المواطن العراقي لا تصدر عن العلماء الأفاضل في المملكة العربية السعودية، إذ إننا نجلهم ونكنّ لهم كل الاحترام وهم يتقبلون الرأي والرأي الآخر، بل تصدر عن المتطرفين».
على صعيد آخر، رأى جيمس بيكر، وزير الخارجية الأميركي الأسبق في عهد الرئيس جورج بوش الأب، أن انسحاباً فورياً للقوات الأميركية من العراق سيقود إلى حرب أهلية غير مسبوقة في هذا البلد ستتأثر بها «تركيا وإيران وسوريا وحتى أصدقاؤنا في الخليج».

(الأخبار، أ ف ب، أ ب، رويترز،
يو بي آي، د ب أ)