أقرّ مجلس الأمن الدولي ليل السبت ــ الأحد قراراً بفرض عقوبات على كوريا الشمالية بعد مفاوضات في اللحظات الأخيرة ذللت المعارضة الروسية، رفضته بيونغ يانغ، التي رأت فيه “إعلان حرب”، فيما رحبت به طوكيو بشدة، معلنة عن عقوبات إضافية على كوريا الشمالية.ووافق مجلس الأمن بالإجماع أول من أمس على القرار الرقم 1718، الذي فرض عقوبات مالية وقيوداً على تسليح كوريا الشمالية بسبب التجربة النووية.
ويبيح القرار، الذي وصف ما فعلته كوريا الشمالية بأنه “تهديد واضح للسلام والأمن العالميين”، للدول وقف الشحنات من كوريا الشمالية، إليها، لتفتيشها بحثاً عن أسلحة دمار شامل أو إمدادات ذات صلة. وهو يحظر التجارة مع كوريا الشمالية في الاسلحة الخطيرة. ويفرض أيضاً حظراً على الأسلحة التقليدية الثقيلة والسلع الكمالية ويطلب من الدول تجميد الأموال التي لها صلة ببرامج كوريا الشمالية للأسلحة غير التقليدية.
وانسحب مندوب كوريا الشمالية لدى الأمم المتحدة باك جيل يون من المجلس بعد إلقاء كلمة. واتّهم أعضاء مجلس الأمن بعمل “مثل عمل العصابات” بموافقتهم على القرار وتجاهل تهديد الولايات المتحدة لبلاده. وأضاف أن بيونغ يانغ ترى أي ضغوط أميركية اخرى بمثابة “إعلان حرب”.
ورأى وزير الخارجية الياباني تارو اسو، أن على كوريا الشمالية “اتخاذ إجراءات ملموسة لحل هذه القضية”. وقال إن بلاده “يمكن أن تقدّم دعماً لوجستياً للقوات الأميركية التي ستفتش السفن الآتية من كوريا الشمالية والمتوجهة إليها”.
وتعهّدت كوريا الجنوبية اتخاذ الإجراءات المناسبة لتطبيق قرار مجلس الأمن. ونقلت وكالة أنباء “يونهاب” عن بيان أصدرته وزارة الخارجية الكورية الجنوبية أن سيول “ترحّب بقرار مجلس الأمن بشأن كوريا الشمالية بسبب إجرائها تجربة نووية، وتدعمه، وستطبقه بإخلاص”.
وحذّرت الصين أعضاء مجلس الأمن من استفزاز بيونغ يانغ “بخطوات استفزازية”، ولا سيما في وقف الشحنات المريبة المتجهة إلى كوريا الشمالية أو المغادرة منها بحثاً عن أسلحة.
وعلى الرغم من أن هذا البند خُفّف إلى حدّ ما بناء على طلب الصين، فإنه لا يزال يجيز للدول تفتيش الشــحنات.
وقال المندوب الصيني لدى الأمم المتحدة وانغ غوانجيا، إن “الصين تحثّ بقوة الدول المعنية على اتخاذ موقف حصيف ويتسم بالمسؤولية في هذا الشأن، والامتناع عن تنفيذ أي خطوات استفزازية قد تزيد من التوترات”.
ورأى المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية ليو جيانشاو، أن “تحرك مجلس الأمن ينبغي أن يعكس الموقف الحازم للمجتمع الدولي، ولكن عليه أن يؤدّي أيضاً إلى معالجة الأزمة عبر حوار سلمي”. وأضاف “ندعو كل الأطراف الى التزام ضبط النفس والهدوء وتبنّي موقف حذر ومسؤول في الوقت نفسه، لتفادي أي تصعيد ولمحاولة وضع حد للوضع الراهن واستئناف المفاوضات السداسية”.
وفي محاولة للتقرب من الموقف الصيني، رأت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس، أن للصين مصلحة في التصدّي لنشر الأسلحة النووية وتطبيق العقوبات التي تبنّتها الأمم المتحدة بحق كوريا الشمالية. وقالت، في حديث الى قناة “فوكس” التلفزيونية، إن “الصين التزمت قراراً يتطلب تعاون الجميع للتصدي لمبادرات نشر الأسلحة النووية من جانب كوريا الشمالية، وأنا متأكدة أنه لا مصلحة للصين في رؤية كوريا الشمالية تنشر مواد خطيرة”.
وقالت الوزيرة الاميركية “ثمة تفاصيل كثيرة تتطلب توضيحاً، وخصوصاً آلية تطبيق هذا الحظر وذاك المنع، أدرك أن هناك أشخاصاً ينتابهم القلق حيال هذه الآلية بحيث لا تضاعف التوترات في المنطقة، ونحن مستــعدّون تمـــــاماً لإجـــــراء مــــناقشات”.
بدوره، رأى المندوب الأميركي لدى الأمم المتحدة جون بولتون أن من واجب الصين تطبيق القرار 1718. وقال لمحطة “اي بي سي” الأميركية، إن “الصين صوّتت لمصلحة القرار وصوتت مع العقوبات، وقالت بوضوح خلال مفاوضاتنا، إنها تعتقد جدياً بوجوب فرض عقوبات على عمليات نقل المواد النووية والصواريخ”. وأضاف “حتى إنها قبلت بإمكان فرض عقوبات أكثر اتساعاً”.
ونقل نائب وزير الخارجية الروسي ألكساندر ألكسييف عن المسؤولين في بيونغ يانغ قولهم إن الأخيرة لن تلغي مشاركتها في المحادثات السداسية، التي تناقش برنامجها النووي.
ونقلت وكالة انباء “ريا نوفوستي” عن ألكسييف قوله، بعد وصوله إلى بكين، إن نتائج زيارته إلى بيونغ يانغ كانت ايجابية، لكنه كان “متفائلاً بحذر” بشأن إمكان استئناف المحادثات السداسية.
ونقلت وكالة الأنباء الروسية عن وزير الدفاع الروسي سيرغي ايفانوف، قوله إن عقوبات الأمم المتحدة يجب ألّا تكون لأجل غير مسمّى، ولا بدّ من رفعها إذا عادت كوريا الشمالية الى المفاوضات.
(أ ب، رويترز، يو بي آي، أ ف ب)