غزة ــ الأخبار
كانت المقابر بمثابة «قبلة» لمئات الفلسطينيين الذين قصدوها خلال عيد الفطر، لزيارة أضرحة الشهداء الذين قضوا برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي.
فقد اصطحب محمد حسان طفلته الصغيرة نغم، التي لم تتجاوز الثلاثة أعوام، لزيارة قبر زوجته الشهيدة ليلى التي قضت في قصف إسرائيلي استهدف مجموعة من المقاومين الفلسطينيين في بلدة بيت حانون قبل بضعة أشهر.
واحتضن محمد طفلته الصغيرة، وجلس أمام قبر زوجته في مقبرة الشهداء في مدينة رفح، جنوبي القطاع، يحدّثها وكأنها تسمعه، يروي لها معاناته في العيش من دونها، بينما الدموع تنساب من عينيهوكانت ليلى تستقل سيارة في طريق عودتها من زيارة عائلتها، التي تقطن في بلدة بيت حانون، عندما أطلقت الطائرات الحربية الإسرائيلية صاروخاً في اتجاه سيارة يستقلها مقاومون فلسطينيون، ليخطئ الصاروخ الهدف ويصيب ليلى ومن يرافقها في السيارة مقتلاً.
محمد، الذي يعمل في أحد الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية، لم يتلق راتبه الشهري كالآلاف من زملائه، لكنه كان حريصاً على شراء ملابس العيد الجديدة لابنته نغم. وقال «لا أريدها أن تشعر بأنها تختلف عن أقرانها من الأطفال، فهي في سن مبكرة على الحزن ولا تعي معنى الفراق». واستدرك قائلاً «سألتني أكثر من مرة عن والدتها فأخبرتها أنها في الجنة مع الطيور والملائكة، وأننا سنذهب إليها في أقرب وقت».
ووضعت نغم إكليلاً من الزهور على قبر والدتها، وقرأت الفاتحة بنبرة طفولية بريئة، بعدما حفظتها من والدها قبل أيام قليلة.
المئات من أمثال محمد من ذوي الشهداء وأصدقائهم، أمّوا المقابر، وقضوا ساعات طويلة خلال أيام العيد أمام أضرحة أحبائهم، لاستعادة الذكريات والترحّم عليهم وقراءة الفاتحة على أرواحهم.
ويحاول الفلسطينيون خلال المناسبات والأعياد إظهار التضامن والتكاتف مع أسر الشهداء والجرحى والأسرى، من خلال الزيارات الميدانية، وتقديم الهدايا للأطفال كي يشعروا بالمساواة مع أقرانهم.
ووفقاً لتقديرات المؤسسات الفلسطينية المختصة، فإن أكثر من عشرة آلاف أسير فلسطيني يقبعون في سجون الاحتلال، فيما أصيب أكثر من خمسين ألف فلسطيني بجروح متفاوتة، عدد كبير منهم يعاني من إعاقة مستديمة، خلال انتفاضة الأقصى.
وقضى أكثر من مئتي فلسطيني من سكان القطاع اليوم الأول من العيد على الجانب المصري من معبر رفح الحدودي، بعدما رفضت قوات الاحتلال الإسرائيلي السماح لهم باجتياز المعبر المغلق بشكل تام منذ 12 يوماً.