القاهرة ــ عبد الحفيظ سعد
تزايدت حدة التوتر، على مدى اليومين الماضيين، بين الحكومة المصرية وجماعة الإخوان المسلمين، على خلفية انتخابات النقابات العمالية. وبلغت حد المطالبة، عبر دعوة قضائية، بإعدام رئيس الوزراء ووزيري الاستثمار والأوقاف لـ“تفريطهم” بأرض مسجد.
ودعت جماعة “عمال من أجل التغيير” المصرية الى الاحتجاج على تدخّلات أجهزة الأمن في قبول أوراق الترشح لانتخابات النقابات العمالية التي أغلقت مساء أمس، وذلك أمام مكتب النائب العام اليوم. ووصف المراقبون أن هذه أعنف تدخلات أمنية في انتخابات العمال، التي تجرى دورتها الجديدة منتصف شهر تشرين الثاني المقبل.
وسبب التصعيد الإمني والإداري هو التخوف من سيطرة جماعة الإخوان المسلمين على النقابات العمالية للمرة الأولى في تاريخها، وذلك بعد سنوات من سيطرتها على النقابات المهنية (الأطباء والمحامين والمهندسين).
وتصاعدت المواجهة بين قوات الأمن والمرشحين من الجماعة، طوال أيام قبول أوراق الترشح، إلى أن وصلت خلال اليومين الماضيين الى مواجهات دامية بعد تظاهر حوالى 600 مرشح من الإخوان أمام مقر اتحاد النقابات العمالية احتجاجاً على رفض أوراقهم.
وردّت جماعة الإخوان المسلمين بعقد مؤتمر صحافي أعلنت فيه عن رفع الأزمة الى مجلس الشعب، حسبما ذكر نائب كتلة الإخوان صابر أبو الفتوح، الذي قال “سنفتح ملف رفض قبول مرشحي الإخوان والمعارضة بتعسف واضح من قبل الحكومة ووزيرة القوى العاملة عائشة عبد الهادي”، مشيراً الى أن “خطوة الإخوان بخوض الانتخابات العمالية تحت شعار الإسلام هو الحل، في سابقة أولى هي محاولة للوقوف بجوار العمال في مواجهة سياسة الخصخصة، ورفض سياسة تشريد العمال، والعمل على تأسيس حركة نقابية خارج السيطرة الحكومية”.
وانتقد أبو الفتوح “التزوير المسبق” للانتخابات بمنع مرشحي الإخوان والمعارضة بتدخل سافر من ضباط أمن الدولة الذين كانوا يتسلّمون بأنفسهم أوراق الترشح. لكنه أضاف “سنستمر في المعركة الانتخابية رغم التجاوزات، ونحن نعرف مقدماً نية التزوير، التي بدأت باستبعاد القضاة من الإشراف على الانتخابات”.
وكشفت مصادر داخل جماعة الإخوان أن العديد من المرشحين للجماعة تمكّنوا من الترشح من دون أن يعلنوا انتماءهم للإخوان، كما روّج الحزب الوطني عن تحالف سري بين مرشحي اليسار وقائمة الإخوان، وهو ما تنفيه إشاعات مضادة عن التحالف بين اليسار والحزب الوطني.
ويتوقع أن يتكرر سيناريو “منع المرشحين” في انتخابات الاتحادات الطالبية في الجامعات والتي بدأ فتح باب الترشح لها هذا الأسبوع. وأعلن الطلاب المنتمون للإخوان عن شكوى من تضييق الأمن عليهم ومنع قبول أوراق ترشحهم.
لكن الجديد تماماً هو دخول الإخوان انتخابات النوادي الرياضية الاجتماعية، وهو ما كشف عنه بيان الائتلاف المصري لدعم الديموقراطية الذى يضم 9 منظمات حقوقية، والذي حذر من تأثير تغلغل الإخوان باتجاه استبعاد النشاطات الثقافية والترفيهية لمصلحة الندوات الدينية واستهلاك ميزانية النادي في إنشاء مسجد يكلف 2 مليون جنيه حرمت منها نشاطات أخرى.
من جانبه، قال نائب مرشد الإخوان الدكتور محمد حبيب، لـ“الأخبار”، “ننظر لأنفسنا على أننا مواطنون، لنا كافة الحقوق مثل الآخرين في ممارسة الحياة السياسية والاجتماعية”. وأضاف حبيب “سنخوض أية انتخابات على أي مستوى باستثناء انتخابات رئيس الجمهورية، مشيراً إلى “أننا لا نريد فرض سيطرتنا ولكننا نطرح برنامجاً يتلاءم مع الناخبين، سواء في الدوائر الانتخابية والنقابات أو النوادي”.
ويبدو أن الإخوان لم يكتفوا بمعارك الانتخابات؛ فقد أثار النائب علي أبو لبن معركة من نوع آخر عندما تقدم ببلاغ الى النائب العام يطالب بإعدام كل من رئيس الحكومة الدكتور أحمد نظيف ووزير الاستثمار الدكتور محمود محيي الدين ووزير الأوقاف الدكتور حمدي زقزوق لاتهامهم بالتفريط في أرض مسجد “هي ملك لله وحده”.
ورأت الأوساط السياسية أن البلاغ يمثل درجة متقدمة من “الهوس الديني” عند الإخوان.