القدس المحتلة ــــ سعيد الغزالي
توجّه الطالب إبراهيم أبو ربيع (15عاما) في الصف العاشر إلى مدرسة الكندي في نابلس، لكنه وجد أن الدراسة معطلة يوم السبت، أول يوم من العام الدراسي. تقول أمه الطبيبة رنده (40 عاماً) «قال له المدرسون: روح جيب راتب، بعدين بندرسك».
تضيف الطبيبة «لا يجوز لي أن أطلب من معلم جائع أن يعلّم ابني. هذا حق يجب أن يحصل عليه. يجب أن يحصل على راتب، لكنه حق يراد به باطل: إسقاط حكومة حماس». وتتابع «أنا لست من مؤيدي حماس، ولست من مؤيدي فتح. أنا مواطنة. أرى أن الوطن ينهار أمامي».
يمكن وصف الوضع الفلسطيني بأنه دخل عنق الزجاجة، في ظل غياب تفاهم استراتيجي بين الفلسطينيين حول ما يجب عمله لخدمة مصالح الشعب الفلسطيني، وليس خدمة الأهواء الفئوية. وقد بدأ عشـــــــرات آلاف الفلســـــــطينيين العاملين في القطاعات المخــــــتلفة في الحكــــــــومة إضراباً مفتوحاً عن العمل مطالبين الحكومة المحاصــرة بدفع أجورهم التي لم يتقاضوها منذ شـــهر آذار الماضـــي.
ويريد العالم حكومة وحدة وطنية «مقبولة من هذه الدول»، أي أن تتألّف من حركة «فتح»، وبعض الأعضاء من حركة «حماس»، أو حكومة يمكنها أن تعترف بإسرائيلتتساءل أم ربيع، التي تحمل شهادات عليا من الجامعات الكندية، «ما معنى حكومة مقبولة من العالم؟ نريد حكومة مقبولة من الشعب الفلسطيني. الولايات المتحدة وإسرائيل تريدان تركيعنا. وإنهاء القضية الفلسطينية». تضيف أمّ ربيع إلى تعليقها ثلاث كلمات «جوع، ركوع، توقيع». وتوضح «من يجُعْ يركع. ومن يركع يوقّع».
هذه خيارات مؤلمة وقاهرة، لكن الفلسطينيين، كغيرهم من العرب، يبتعدون عن الخيار المفيد، وهو ضرورة التوصل إلى تفاهم استراتيجي بينهم، وقد اختاروا أن يكونوا الكرة التي تتقاذفها أقدام اللاعبين الدوليين.
من المفيد أن تتخلى حركتا «فتح» و»حماس» والفصائل الأخرى عن النزعات الفئوية. وتتطلع إلى التعاون من أجل إيجاد حلول للمشاكل الكبرى، منها تسيير عمل الحكومة، ودعم الأمن الداخلي الفلسطيني.
عند ذلك سيكون هناك لاعب فلسطيني، يحاور العالم عن الحقوق الفلسطينية. ويعيد بناء ما هدمته السياسات الفئوية المتعثرة، ولا يسقط في مستنقع المشاريع الهادفه إلى تصفية القضية الفلسطينية مقابل وعود باستئناف المساعدات، وربما استنئاف الحديث عن المفاوضات.