عشية اللقاء المرتقب اليوم بين كبير المفاوضين الإيرانيين علي لاريجاني والممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا، تباعد الموقفان الأوروبي والأميركي حيال الملف النووي الإيراني أكثر فأكثر، عندما أعلنت واشنطن ضرورة صياغة قرار عقوبات بحلول 19 أيلول، بينما استبعد الأوروبيون العقوبات في ظل المحادثات.وأعلن الرجل الثالث في وزارة الخارجية الأميركية نيكولاس بيرنز، في برلين أمس، أن الولايات المتحدة ترى «ضرورة صياغة مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي ينصّ على فرض عقوبات على إيران، اعتباراً من الأسبوع المقبل».
ورأى بيرنز أن على الدول الكبرى الست المشاركة في المفاوضات حول الملف النووي الإيراني (الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا) مواصلة محادثاتها. وأوضح «إنها قضية معقدة. إننا بوضوح نحتاج إلى مزيد من الوقت لذلك قررنا الالتقاء مرة أخرى يوم الاثنين من خلال مؤتمر هاتفي»، مضيفاً «أعتقد أننا سننجح في إصدار قرار العقوبات قريباً».
وقال المسؤول الأميركي، للصحافيين غداة اللقاء الذي عقده ممثلو الدول الست في برلين، إن مشروع القرار سيكون جاهزاً مع موعد افتتاح أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، أي الثلاثاء في 19 أيلول الجاري.
وأشار بيرنز الى أن العقوبات يتعين أن تستهدف الحكومة الإيرانية والصناعة النووية وليس الشعب الإيراني، لكنه أقر بأنه لم يتم بعد التوصل إلى اتفاق في شأن عقوبات محددة.
من جهته، أعلن سولانا، في كوبنهاغن أمس، أنه لن تكون هناك عقوبات على إيران ما دامت المحادثات حول ملفها النووي تتواصل.
ويتوقع أن يلتقي سولانا، الذي يحمل تفويضاً من الأوروبيين ومجلس الأمن، اليوم في مكان لم يكشف عنه، لاريجاني للبحث في الملف النووي. وأفاد مسؤول إيراني لوكالة «أسوشييتد برس» أن الاجتماع سيعقد في فييناوقال سولانا لـ«فرانس برس»، «سنرى (اليوم) ما اذا كان هناك إمكان لبدء مفاوضات بين إيران ومجموعة 5+1 (الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وألمانيا)». أضاف «من مسؤوليتنا توفير الشروط لبدء مفاوضات رسمية بين طهران والدول الست المعنية بهذا الملف».
وأوضح المسؤول الأوروبي أنه «خلال الاجتماع الذي سيعقد، سنتحقق من أننا قادرون على التحضير لإطلاق المفاوضات»، مشيراً الى أنه «متفائل لكنه واقعي» في شأن نتائج الاجتماع. وتابع «إنني واثق بأن المحادثات أو المفاوضات ستكون صعبة ولهذا السبب لم تتم تسوية هذا الملف منذ أشهر». أضاف «لكن علينا عقد الاجتماع وبذل كل الجهود للتوصل الى نتائج».
وعلمت «الأخبار» من بعض التسريبات المنسوبة إلى مصادر «فرنسية رفيعة» أن هناك فكرة تتداولها باريس، وخلاصتها إمكان «بدء المفاوضات مع إيران قبل تخليها عن عمليات التخصيب»، على أن يتم تجميد النشاط النووي «خلال مرحلة التفاوض». إلا أن المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الفرنسية أجاب بـ«النفي التام» عن سؤال حول هذه النقطة، التي إذا ثبتت صحتها، تعتبر تحولاً جذرياً في الموقف الفرنسي.
ويقول أحد المراقبين إن الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان يحاول دعم التوجه الأوروبي بطلبه من إيران «إثبات الطبيعة السلمية لبرنامجها» وإن التلويح بـ«تراخي الموقف الأوروبي» عبر هذه التسريبات، التي تبرَّر بضرورة «حفظ ماء وجه إيران»، ما هي إلا محاولة لدفع طهران للمزيد من التصلب.
ويرى البعض أن إيران تستطيع، بعدما أثبتت قدرتها على مقاومة الضغوط، توقيف «أعمال التخصيب من دون أي خسارة معنوية» إذ إن باستطاعتها العودة إلى التخصيب إذا واجهت المفاوضات عقبات.
والتقى لاريجاني، في روما أمس، رئيس الوزراء الإيطالي رومانو برودي لمناقشة برنامج إيران النووي.
من ناحية أخرى، رأى وزير الخارجية الإيطالي ماسيمو داليما أمس أن المباحثات المقبلة بين سولانا وعلي لاريجاني، ستكون حاسمة.
وقال داليما، خلال مؤتمر صحافي مع وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني في تل أبيب أمس، «نأمل بالطبع ألّا تغيّر إيران موقفها لتمرّ من استخدام الطاقة النووية لأغراض سلمية الى (حيازة) سلاح نووي»، مشيراً الى أن اليوم «موعد حاسم».
وقالت ليفني من جانبها إنه «آن الأوان» ليفرض المجتمع الدولي عقوبات على إيران، مشيرة الى أن «امتلاك إيران سلاحاً نووياً أمر لا يمكن أن تسمح إسرائيل به وكذلك المجتمع الدولي».
على صعيد آخر، أعلن رئيس وكالة الطاقة الذرية الروسية سيرغي كيرينكو أمس أنه من المقرر أن يبدأ تشغيل المفاعل الذري، الذي تبنيه موسكو لإيران في بوشهر، في أيلول عام 2007.
وقال كيرينكو إن البناء في بوشهر يتم تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية ويتعين ألّا يُنظر اليه على أنه تهديد للسلام العالمي.
وندّد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس بمعلومات أشارت الى احتمال سحب خبراء روس من مفاعل بوشهر، ورأى أنّ هذه المعلومات «استفزازية وتخريبية».
وقال لافروف، إن «الكثير من القوى يحاول زيادة التوتر الذي يحيط بالملف النووي الإيراني. هذا استفزاز يرمي الى عرقلة الجهود الهادفة الى تأمين عدم انتشار الأسلحة النووية».
(الأخبار، أ ف ب، أب، رويترز، يو بي)