لم تقنع توضيحات الفاتيكان أمس لتصريحات البابا بنديكتوس السادس عشر، التي أدلى بها خلال زيارته لبلده الأم ألمانيا حول الإسلام والنبي محمد، أقطاباً إسلامية عدة، رغم أن بيان التوضيح رأى أن البابا «لم يقصد الإساءة للإسلام»، فظهر العديد من الانتقادات والمواقف المستنكرة والدعوات للاعتذار ، والمواقف التي وصفتها بـ«الحاقدة والمسيئة» . وقبل أن تغادر طائرة البابوية مطار ميونيخ أمس عائدة الى روما في ختام زيارة استمرت ستة أيام، توالت المواقف المستنكرة، فكان أبرزها بيان صدر أمس عن منظمة المؤتمر الإسلامي طالب البابا بتوضيح موقفه إزاء الإسلام بعد تصريحاته الأخيرة، مضيفاً «نرجو أن يصدر عن الفاتيكان ما يعبر عن حقيقة موقفه من الإسلام وتعاليمه».
ووصف مدير قسم الشؤون الدينية في الحكومة التركية علي برداك أوغلو هذه التصريحات بأنها “حاقدة ومسيئة ومتحيزة”، معلناً معارضته للزيارة التي ينوي “الحبر الأعظم” القيام بها الى تركيا في تشرين الثاني، مضيفاً "إنها نظرة مجتزأة جداً وتنطوي على كثير من الأفكار المسبقة عن الإسلام ونبيه محمد”.
من جانبه، قال رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، أعلى هيئة للمسلمين في فرنسا، دليل بوبكر، "نرغب في أن تعطينا الكنيسة على وجه السرعة رأيها وأن توضح موقفها حتى لا تخلط بين الإسلام وهو دين منزّل، والتيار الإسلامي الذي هو ليس ديانة بل إيديولوجية سياسية”.
ودعا المرشد العام للإخوان المسلمين محمد مهدي عاكف، أكبر قوة معارضة مصرية، البابا الى الاعتذار من المسلمين، معتبراً أن تصريحاته «تؤجج العداوة» بين المسلمين والمسيحيين.
وفي الكويت، دعا كل من الأمين العام لحزب الأمة الكويتي حاكم المطيري ووكيل المراجع الشيعية في الكويت السيد محمد باقر الموسوي المهري، البابا الى الاعتذار. وطالب المطيري البابا بتقديم "اعتذار فوري صريح للعالم الإسلامي” وربط بينه وبين ما سماها "الحروب الغربية الجديدة على العالم الإسلامي كما في العراق وأفغانستان ولبنان»، معتبراً أنها "حروب صليبية تغذيها أحقاد تاريخية ودينية»، بينما رفض المهري كلام البابا معتبراً أنه "مخالف للحقيقة والواقع”.
وخلال خطاب ألقاه أمام أكاديميين الثلاثاء عُدّ بداية لهجة جديدة، رأى بنديكتوس السادس الإسلام ديناً يؤيد العنف وينشر العقيدة "بحد السيف".
أما في خطابه في جامعة رغنسبرغ فقد تحدث البابا عن الخلافات التاريخية والفلسفية بين الإسلام والمسيحية والعلاقة بين الإيمان والعنف. وأكثر ما أثار الغضب في خطاب البابا اقتباسه حواراً دار في القرن الرابع عشر بين إمبراطور بيزنطي و"مثقف فارسي" حول دور نبي الإسلام، وقال فيه الإمبراطور للمثقف "أرني ما الجديد الذي جاء به محمد. لن تجد إلا أشياء شريرة وغير إنسانية مثل أمره بنشر الدين الذي كان يبشر به بحد السيف"، لكن بنديكتوس قال مرتين "اقتبس" ليوضح أن هذه الجملة ليست له.
وسارع المكتب الصحافي للفاتيكان الى توضيح تصريحات البابا بسبب كلمة ألقاها عن "الجهاد" بالقول إنه لم يكن يقصد الإساءة الى الإسلام، مضيفاً، في بيان له، "لم يكن في نية البابا بالتأكيد إجراء دراسة معمقة للجهاد والفكر الإسلامي بشأنه، ولا الإساءة لحساسية المسلمين”.
وقال الناطق باسم الفاتيكان الأب فيديريكو لومباردي إن البابا «يريد أن ينمي شعور الاحترام والحوار حيال الديانات والثقافات الأخرى وبطبيعة الحال الإسلام»، بينما رأى رئيس المعهد البابوي للدراسات الإسلامية الأب جوستو بالدا لاكونزا، أن البابا لم يصدر أحكاماً على الإسلام خلال زيارته لألمانيا لكنه طرح أسئلة حول علاقة الدين الإسلامي بالعنف والمنطق. لكن رئيس مؤتمر الأساقفة الألمان كارل ليمان علق بالقول «قد يتعين على البابا الآن أن يغتنم زيارته المقررة لتركيا في تشرين الثاني وسكانها الذين يعدون 70 مليوناً معظمهم من المسلمين، بهدف التقريب بين عالمين”.
(أ ف ب، رويترز)