واشنطن ــ محمد دلبح
تتجه وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية الـ(سي آي إيه) إلى خصخصة قطاعها الوظيفي، وخاصة في مجال مكافحة الإرهاب.
فقد ذكرت صحيفة «لوس أنجلوس تايمز»، في تقرير مطول أول من أمس، أن «أكثر من نصف العاملين في المركز القومي لمكافحة الإرهاب، الذي تأسس قبل عامين لمنع هجمات مشابهة لهجمات 11 أيلول 2001، ليسوا محللين استخباريين حكوميين أو خبراء بالإرهاب، بل هم متعاقدون من خارج الوكالة، يحملون بطاقات تعريف تختلف في لونها عمّا يحمله الموظفون الرسميون، ويتولون أعمالاً بالغة الحساسية مثل إصدار بطاقات تعريف (هويات) مزيفة لنخبة من جواسيس الوكالة خارج الولايات المتحدة»، وهو عمل تقوم به شركة «أبراكساس»، التي أسسها عدد من ضباط الوكالة السابقين في ضاحية ماكلين القريبة من واشنطن.
وأشارت الصحيفة إلى أن أعداد المتعاقدين «ازدادت بشكل كبير في المحطات السرية لـلـ «سي آي إيه» في العديد من بلدان العالم، حيث إن ثلاثة أرباع العاملين في محطة إسلام أباد في باكستان هم من المتعاقدين، فيما يتجاوز عدد الجواسيس المتعاقدين مع الوكالة في محطتها في بغداد عدد العاملين الرسميين المتفرغين».
وتشير الصحيفة إلى أن بعض هؤلاء المتعاقدين طيارون سبق أن قاموا بمهام نقل سرية لمصلحة الـ «سي آي إيه» أثناء الحرب الأميركية على فيتنام.
ورغم سرية الميزانية السنوية لوكالة الاستخبارات الأميركية، التي يُقال إنها تزيد على 45 مليار دولار، فإن عشرة مليارات منها قد أضيفت منذ 11 أيلول 2001. كما أن من غير المعروف بالضبط عدد الجواسيس المتعاقدين مع الوكالة، من غير طاقم موظفيها الرسميين. لكن مسؤولين سابقين يقولون إن عدد موظفيها قد تضاعف خلال السنوات الخمس الماضية ليصل إلى نحو 17500 شخص، فيما يرتبط الجواسيس المتعاقدون بعلاقات سابقة مع الوكالة.
وقد أمر مدير المجلس القومي للاستخبارات جون نغروبونتي في العام الجاري، بسبب المخاوف التي نشأت عن الافتقار إلى البيانات والتوجه، بإجراء دراسة شاملة لاستخدام المتعاقدين.
وقال المسؤول عن قسم التدقيق في المجلس، رونالد ساندرز، إنه طلب من أجهزة الاستخبارات الأميركية الـ16، التي يضمها المجلس، تسليم كل سجلاتها الخاصة بالمتعاقدين، لـ «معرفة إذا كان من المناسب منح وظائف حساسة للغاية لمتعاقدين».
ويصف مسؤولون في الاستخبارات الأميركية الاعتماد على المتعاقدين بأنه «عميق جداً»، إلى درجة أن بعض أجهزة الاستخبارات لا تستطيع العمل من دون المتعاقدين.
ونقلت الصحيفة، عن مسؤولين سابقين وحاليين، قولهم إن «وكالات التجسس الأميركية تعتمد الآن على المتعاقدين للقيام بأكثر مما يناط بهم عادة في مهام التجسس، إلى حد أن هؤلاء يمارسون عملهم بوصفهم رؤساء لفرق التجسس في العديد من المحطات السرية في الخارج، ويعقدون الاجتماعات السرية مع مصادر الوكالة من المخبرين المحليين».
ويقدم مسؤول أميركي مثالاً على ذلك المتعاقدين مع الـ «سي آي إيه» في محطة بغداد، حيث «يقومون بتجنيد المخبرين وإدارة العلاقات الرئيسية مع الجيش (الأميركي في العراق)، ويتولون مسؤولية العملاء لدعم الوحدات المقاتلة في الخطوط الأمامية».
وقد أثار الاعتماد على المتعاقدين في الاستخبارات الأميركية تحقيقاً في شكاوى تتعلق بتعذيب معتقلين في أفغانستان والعراق، إلى جانب إثارة شكوك واتهامات بوجود دوافع اقتصادية ومصالح خاصة؛ فالمفتش العام لـلـ «سي آي إيه» يحقق في احتمال تلقي المسؤول الكبير السابق في الوكالة كايل دستين فوغو رشوة لقاء منحه عقوداً لأحد أصدقائه.
كما أن مثل تلك العقود تثير الاستياء في أوساط العاملين في الـ «سي آي إيه»، إذ يقول مسؤول استخباري سابق في بغداد: «إنها مشكلة معنوية خطيرة عندما يتقاضى ضابط الاستخبارات في الميدان راتباً قدره 80 ألف دولار سنوياً، فيما يحصل المتعاقد على 150 ألف دولار، وهو يخضع لإشراف الضابط الموظف».