القاهرة ــ الأخبار
حظي جمال مبارك في افتتاح المؤتمر الرابع للحزب الوطني الحاكم في مصر بأكبر مساحة من التصفيق عندما قال إن «الوقت قد حان لطرح البحث عن مصادر بديلة للطاقة، وخاصة الطاقة النووية». لم تكن إشارة متوقعة إلى ما يشغله الهاجس النووي لدى أعضاء الحزب، بل كانت مرتبطة بالأخبار التي نشرتها الصحف قبل أسابيع عن بدء التفكير في إنشاء محطات توليد كهرباء بالطاقة النووية.
ويبدو أن الأخبار السعيدة كانت من نصيب جمال مبارك فقط. فهو الذي أعلن عن إعادة الاعتبار لمدينة المحلة الكبرى، أشهر قلاع صناعة النسيج في مصر والشرق الأوسط، والتي ماتت إكلينيكياً بعد توقيع اتفاقيات «الكويزا» مع إسرائيل.
أدلى جمال مبارك ببيان إنجازات الحزب والحكومة، الذي كان يفترض أن يكون من اختصاص رئيس الحكومة أحمد نظيف. ويبدو، من وجهة نظر المتابعين، أن هناك من نصح مبارك الابن بتسريب الأخبار السعيدة، والابتسام؛ الجميع لاحظوا أنه كان مختلفاً هذه المرة: يشير بحركات يديه وتستمر ابتسامته لأكثر من ثانية.
في الجلسات العامة، تحدث وزراء المجموعة الاقتصادية تحت شعار «الاستثمار من أجل التشغيل». واعلن وزير الاستثمار محمود محيي الدين أن حصيلة شبكة المحمول الثالثة بالكامل (ما يقرب من 17 مليار جنيه) ستوضع في مشاريع تحددها موازنة الدولة.
وعلى ما يبدو، إن هذه الخطوة تأتي ضمن إجراءات الإنقاذ السريعة التي حرص وزراء المجموعة على إعلانها أمام الصحافة لكي تمتص الغضب الشعبي من حكومة نظيف. كانت هذه هي القضية الاولى امام مؤتمر الحزب، لا الإصلاح السياسي، كما توقعت التقارير الصحافية.
واكتفت المناقشات حول الإصلاحات الدستورية بما وعد به الحزب في جلسات خاصة لا تتابعها الصحافة، بتغيير المادة 74 التي تعطي الرئيس صلاحية اتخاذ قرارات لها قوة القانون في حالة الطوارئ. سيجبر التعديل، إذا أقر، الرئيس على إشراك رئيس الحكومة في القرار والرجوع لمجلس الشعب والشورى. ويرى قادة الحزب أن ذلك تقليص لصلاحيات الرئيس وتوسيع لمشاركة رئيس الحكومة في السلطة التنفيذية. لكن احد الأعضاء سأل إذا كان سيتم ذلك بشكل مؤسساتي وفي إطار مجلس أمن قومي، كما هي الحال في اميركا، فكانت الإجابة «لا».
وأعلن، في هذه الجلسة أيضاً، عن نية بتغيير جديد للمادة 76 الخاصة بشروط ترشيح الرئيس. وسيتضمن التعديل تسهيلات لأحزاب المعارضة والمستقلين، لأن المادة، بتعديلاتها الحالية، لا تسمح إلا بمرشح وحيد للحزب الوطني.
وتجاهلت الجلسة سؤال أحد الأعضاء عن تعديلات في المادة 77 الخاصة بتحديد عدد مرات الترشيح لمنصب الرئيس، بينما تم التأكيد على أنه لا مساس بالمادة الثانية ولا بمواد خاصة بمجانية التعليم.
والمعروف أن حركة «كفاية» المعارضة، رداً على تعديلات الحزب الوطني، ستعلن يوم الخميس، بالتزامن مع اختتام أعمال المؤتمر، دستوراً جديداً كاملاً ستتبناه مشروعاً وطنياً أشرفت عليه لجنة من قانونيين وبرلمانيين معارضين.
ولم تظهر في اليوم الأول من المؤتمر إشارات على خريطة النفوذ إلا في ما يتعلق بقوة الملياردير احمد عز، أمين التنظيم، الذي جلس بجوار كمال الشاذلي الذي كان يشغل المنصب نفسه في المؤتمر السابق. وبدا أن مفتاح المؤتمر مع عز هو الذي يضبط القاعة ويحل مشاكل الأعضاء ويتبادل الإشارات مع جمال مبارك .
غياب الرئيس حسني مبارك عن الجلسة الافتتاحية أثار تساؤلات عديدة لم تلتفت إلى تقليد يكتفي فيه الرئيس بحضور الجلسة الختامية المقررة غداً الخميس.
وعن الحضور والغياب لفت الانتباه أيضاً مساحة الحضور للسفير الأميركي فرانسيس ريتشارد دوني في أرجاء المؤتمر، بينما لم يظهر الوفد الإيراني الذي قالت الشائعات إنه كان سبب الكثافة الأمنية في احياء مصر القديمة مساء أول من أمس.
كما شهد المؤتمر عودة الدكتور كمال الجنزوري، رئيس الحكومة الأسبق وأشهر المغضوبين عليهم من حسني مبارك.
والمعروف أن المؤتمر يناقش 28 ورقة ويشهد مقاطعة من وكالات الأنباء العالمية بسبب تأخر في الاجراءات التنظيمية.
وخرجت تظاهرة فى ميدان التحرير ترفع شعارات «28 سنة الى الوراء..». وشنت أحزاب المعارضة هجوماً على الحزب الوطني متهمة إياه بأنه «حزب عائلي تعطيه أجهزة الأمن الحماية وأن العديد من المرتبطين به تكدّست أموالهم من حرام».
وقرر حزب التجمع دعوة الأحزاب والقوى السياسية الى مؤتمر للوفاق القومي، لمدة 3 أيام، تشارك فيه الأحزاب وأساتذة الجامعات وفقهاء القانون الدستوري عقب إجازة عيد الفطر للتوصل الى صيغة تبعث الحياة من جديد في الأحزاب وتضع مسودة لدستور مصري في مواجهة المشروع الذي يقدمه الحزب الحاكم حول التعديلات الدستورية. ويدرس حزبا الكرامة والوسط إشهار وجودهما في الشارع السياسي من جانب واحد بعدما رفضت لجنة شؤون الأحزاب الاعتراف بهما.