يبدو أن الاحتجاجات على تصريحات البابا بنديكتوس السادس عشر قد خفت حدتها أمس، بعد انحسار مشهود ليس على مستوى التظاهرات وأعمال العنف فقط بل على مستوى المواقف السياسية، التي كان أبرزها وصف الرئيس الأميركي جورج بوش أسف البابا بأنه “صادق”، والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد بأنه “عدّل” من تصريحات ”الإساءة”.في هذا الوقت، اكتفى البابا بالدعوة الى احترام مختلف “القناعات الدينية”، بدلاً من الاعتذار الذي يطالبه به العالم الإسلامي على تصريحات”مهينه” أدلى بها في ألمانيا خلال الأسبوع الماضي. وندد البابا، في برقية تعزية بالراهبة التي قتلت الأحد الماضي في الصومال، “بكل أشكال العنف”، معرباً عن أمله “في بناء أخوة حقيقية بين الشعوب يسودها الاحترام المتبادل لكل القناعات الدينيةوقال بوش، خلال لقائه رئيس الوزراء الماليزي عبد الله بدوي في نيويورك أمس، إن كلمات البابا قد أسيء فهمها، فيما أشادت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس بـ«محبة البابا للبشرية»، مضيفة إن بعض الناس يؤذي الآخرين من دون أن يقصد ذلك.
أما نجاد فأعرب من جهته عن "احترامه" للبابا، معتبراً أن أقواله حول الإسلام "قد عُدلّت" على أثر ردود الفعل العالمية، ومشيراً الى التناقض بين القيم المسيحية للبلدان الغربية والحروب التي تسببت البلدان الأوروبية والولايات المتحدة باندلاعها.
وقال الرئيس السلوفيني يانز درنوفزيك أمس، إن «الحبر الأعظم» كان مخطئاً باستشهاده بالإسلام خلال محاضرته حول الإيمان والعنف.
مع ذلك، وجه شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي أمس انتقادات حادة للبابا. وقال، خلال لقاء مع ممثل الكنيسة الكاثوليكية في القاهرة الأب يوحنا قلتة، إن البابا “سكت دهراً ونطق كفراً”.
أما مفتي الأراضي الفلسطينية الشيخ محمد حسين فقال إن البابا يجب أن يقدم اعتذاراً شخصياً وواضحاً الى 1.5 مليار مسلم في العالم عن إهانته.
وقدم عمال في المديرية العامة للشؤون الدينية في أنقرة التماساً يطالب باعتقال البابا عندما يقوم بزيارة مقررة الى تركيا في تشرين الثاني المقبل، حاملين لافتات كتب عليها «إما أن تعتذر وإما لا تأتي».
كذلك، طلب البرلمان العراقي من البابا “اتخاذ خطوات عملية تعيد الاعتبار الى العالم الإسلامي ودينه وتقديم اعتذار واضح”.
ودعا الابن الأكبر للزعيم الليبي معمر القذافي، محمد، البابا الى "اعتناق الدين الإسلامي فوراً" معتبراً أن اعتذاره "لن ينفع”.
وهددت «جماعة جيش الهدى»، في غزة أمس، باستهداف كل «صليبي» في القطاع، حتى تقديم البابا اعتذاراً رسمياً، فيما شددت الشرطة البريطانية من إجراءاتها الأمنية حول الكنائس والمساجد.
الى ذلك، ظهرت انتقادات لتصريحات البابا في بعض الصحف الغربية في سياق مقارنة بين بنديكتوس والبابا الراحل يوحنا بولس الثاني، فرأى خبير الشؤون الفاتيكانية في صحيفة "لا ريبوبليكا" ماركو بوليتي، أن البابا السابق بنى استراتجية حوار مع النخب الإسلامية في العالم أجمع، بينما تبنى خلفه، منذ وصوله الى منصبه، استراتيجية مختلفة.
واستبعد كاتب افتتاحيات “لا ستامبا”، جيان انريكو روسوني، "أي خطأ في التواصل" أو "مجرد سوء فهم" في خطاب البابا في ألمانيا.
وأشار الخبير في شؤون الفاتيكان في أسبوعية "لاسبريسو"، ساندرو ماجيستر، إلى أن البابا يؤيد مقاربة تقوم على "أقل من الديبلوماسية والمزيد من الإنجيل"، بخلاف البابا يوحنا بولس الثاني، الذي كان يتواصل بطريقة أفضل مع كل القادة الدينيين، مشيراً الى أن ما ذكره بنديكتوس حول الإسلام “يحمل معاني تفجيرية”.
(أ ف ب، رويترز، أب)