انتقلت المعركة الديبلوماسية الإيرانية من الاتحاد الأوروبي إلى داخل الدار الأميركية، التي يسعى أصحابها إلى قطع كل الطرق المؤدية إلى تجنب طهران للعقوبات.
شكلت الجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة في نيويورك حالياً مسرحاً للتحرك الإيراني في كل اتجاه من أجل التشديد على مبادئ طهران النووية، فضلاً عن تلك المعادية لإسرائيل، وكان عرابها الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد.
وبعد سلسلة الانتقادات العنيفة التي وجهها إلى الولايات المتحدة، من على منصة الجمعية العامة، أعلن نجاد أمس أن بلاده «ليست بحاجة إلى القنبلة الذرية» و «لا تسعى إلى حيازتها».
وقال الرئيس الإيراني، في مؤتمر صحافي عقده في مقر الأمم المتحدة: «الحقيقة هي أننا لا تحتاج إلى القنبلة الذرية، بخلاف ما يعتقد البعض».
وأكد نجاد أن المحادثات مع الاتحاد الأوروبي في شأن برنامج إيران النووي هي «في مسارها الصحيح» ويأمل «ألا يعرقلها أحد».
ورداً على مطالب مجلس الأمن الدولي، قال الرئيس الإيراني إن طهران مستعدة للتفاوض على تعليق تخصيب اليورانيوم «بموجب شروط منصفة وعادلة»، لكنه لم يحدد إطاراً زمنياً للقيام بذلك.
من ناحية أخرى، أبلغ نجاد رئيس الوزراء الإيطالي رومانو برودي، خلال اجتماع عقداه في وقت متأخر أول من أمس، أنه مستعد لإجراء مباحثات نووية مع القوى الكبرى، لكن المرونة مطلوبة من كل الأطراف.
وقال برودي، في بيان مكتوب صدر بعد الاجتماع على هامش اجتماعات الجمعية العامة: «أشار نجاد إلى أن إيران مستعدة للتفاوض، ولكن يجب أن تكون هناك مرونة في موقف الجانبين».
وأشار رئيس الوزراء الإيطالي إلى أن الزعيمين شرحا بوضوح موقفيهما مع تأكيد إيران على أهمية دورها في منطقة الشرق الأوسط.
وقال برودي، للصحافيين بعد الاجتماع: «ترك بعضنا بعضاً من دون أن نتخذ أي خطوة للأمام، لكننا افترقنا ولدينا أفكار واضحة عن ضرورة اتخاذ خطوة للأمام». وأضاف أن الاجتماع كان «إيجابياً»، لكن «لم تكن هناك نعم أو لا تقال لي على المواقف التي عبرت عنها».
وذكر رئيس الوزراء الإيطالي، وهو أول رئيس حكومة في الاتحاد الأوروبي يلتقي نجاد، أنه أكد له ضرورة العمل من أجل الاستقرار في المنطقة. وأوضح: «أخبرته أن هذا هو الوقت لوضع النيات، التي عبرت عنها إيران في مختلف المناسبات، موضع التنفيذ».
من ناحية أخرى، اجتمع الرئيس الإيراني مع عدد من أشد منتقديه الأميركيين لمناقشة قضايا، منها رأيه في مسألة «المحارق النازية» والبرنامج النووي الإيراني.
واستضاف مجلس العلاقات الخارجية الاجتماع المغلق ليل الأربعاء ــ الخميس، الذي دام ساعة ونصف ساعة، وكان بمثابة أحدث محاولة رفيعة المستوى لإجراء حوار إيراني ــ أميركي غير رسمي.
وقال رئيس المجلس ريتشارد هاس، لـ «رويترز»: «شعرت بأن نجاد منفتح من حيث المبدأ على إقامة علاقة (مع الولايات المتحدة)، لكنه يريد أن تأخذ الولايات المتحدة المبادرة لتحقيق ذلك».
وأضاف هاس أن الرئيس الايراني "تحاشى إلقاء خطاب وبدا مستمتعا بالأخذ والرد"، في مباراة ثقافية مع أعضاء المجلس البالغ عددهم 19 عضوا، في شأن مجموعة واسعة من القضايا. وصرح هاس بأنه لم يشارك أي مسؤول أميركي حالي في الاجتماع.
إلى ذلك، قال منظمون إن آلاف الأشخاص تظاهروا أول من أمس بدعوة من المنظمات اليهودية ــ الأميركية أمام مقر الأمم المتحدة في نيويورك للاحتجاج على وجود الرئيس الإيراني.
وتحدث العديد من الشخصيات في التظاهرة بينهم وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني والمندوب الأميركي لدى الأمم المتحدة جون بولتون وبيني ريغيف، شقيق الداد ريغيف، أحد الجنديين الإسرائيليين اللذين أسرهما حزب الله في 12 تموز الماضي.
إلى ذلك، أظهر استطلاع للرأي نشرت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) نتائجه أمس أن واحداً من كل عشرة أشخاص تقريباً في العالم يؤيدون شن ضربة عسكرية على إيران للحيلولة دون تطويرها أسلحة نووية.
(أ ف ب، رويترز، أب، يو بي آي)