غزة ــ رائد لافيرام الله ــ الأخبار

دخلت الفصائل الفلسطينية المسلحة أمس على خط مفاوضات حكومة الوحدة الوطنية، فهدد عدد منها باستهداف الحكومة التي تعترف بإسرائيل، في وقت عادت فيه مفاوضات تأليف الحكومة “إلى نقطة الصفر”، كما قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، فيما أعرب رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية عن أمله “في أن يتم التوصل إلى حكومة وحدة وطنية”.
وقال هنية للصحافيين في مدينة غزة أمس: “نحن سنستأنف المشاورات بشأن تأليف حكومة الوحدة الوطنية، وأعتقد أننا قطعنا شوطاً طويلاً والأمل معقود على أن تنجح هذه المشاورات، حيث لدينا توجهات صادقة وحقيقية لتكريس الشراكة السياسية”.
وفي محاولة لقطع الطريق على أي “ضربة رئاسية” للحكومة، حذر هنية من أن “اتخاذ أي قرارات متسرعة في الداخل الفلسطيني قد تقود إلى مزيد من تأزم الموقف”. وقال إن “الحكومة ستستمر في اتباع سياسة التوافق وإيجاد حلول وسط للخروج من الأزمة الحالية، ولن تلجأ إلى خيار الصدام لما له من عواقب كارثية”.
وكان عباس قد أعلن من القاهرة أول من أمس، بعد لقائه الرئيس المصري حسني مبارك، أن “مشاورات تأليف حكومة الوحدة عادت إلى نقطة الصفر”. ودعا حركة حماس الى مراجعة مواقفها، مشدّداً على أن ذلك سيكون في مصلحة الشعب الفلسطيني.
وردّاً على سؤال اذا كان يملك وسائل ضغط على “حماس” لحملها على تليين موقفها، اجاب عباس: “إن الحركة ليست في حاجة إلى ضغط، فوضع الشعب الفلسطيني والصورة لا تحتاج إلى ضغط، فنحن لدينا اضرابات مضى عليها أربعة أسابيع ومستمرة من الموظفين بسبب عدم دفع المرتبات”.
وأعلن الرئيس الفلسطيني، من جهة اخرى، انه يؤيد اجراء “مفاوضات غير معلنة” مع اسرائيل عبر “قناة خلفية”. وقال “اتمنى أن تكون هناك مفاوضات غير معلنة وطالبنا اكثر من مرة بأن تكون هناك قناة خلفية... هذا الكلام قلناه أكثر من مرة ولم يحصل”.
ووفقاً لمصادر فلسطينية مقربة من “الرئاسة”، فإن عباس سيصل إلى مدينة غزة اليوم الاثنين أو غداً الثلاثاء، لاستئناف المشاورات في شأن حكومة الوحدة.
وقالت المصادر نفسها لـ “الأخبار” إن عباس سيلتقي هنية وقادة من حركة حماس في غزة، وستكون بحوزته رسالة واضحة لهم، مفادها أن “هناك متطلبات دولية يجب الايفاء بها، تمهيداً لتأليف حكومة وحدة وطنية”، في إشارة إلى شروط اللجنة الرباعية، ممثلة في الاعتراف بإسرائيل، ونبذ العنف (المقاومة)، والالتزام بالاتفاقات السابقة.
وإلى جانب رفض حركة حماس والحكومة الفلسطينية المطلق لتلبية شروط اللجنة الرباعية، أعلنت أربعة أجنحة عسكرية في قطاع غزة، خلال مؤتمر صحافي أمس، أن “أي حكومة وحدة تعترف باسرائيل ستكون هدفاً مشروعاً لها”.
وأصدرت الأجنحة الأربعة، بياناً وقّعت عليه إلى جانب لجان المقاومة الشعبية، ثلاثة اجنحة محسوبة على حركة فتح، لكنها غير موالية لسياسات عباس، وهي “كتائب شهداء الأقصى”، و“مقاتلو حركة فتح – كتائب التوحيد”، و“كتائب الشهيد أحمد أبو الريش ــ سيف الإسلام”.
ودعت الأجنحة العسكرية “عباس إلى التراجع عن موقفه وعدم الرضوخ لسياسة الشرق الأوسط الأميركي الجديد”. وشددت على أن “أي حكومة مقبلة تعلن الاعتراف بإسرائيل بوضوح ستكون هدفاً شرعياً لها وستحاربها بكل الوسائل، وستتعامل معها على أنها امتداد للاحتلال الإسرائيلي”.
وشددت ألوية الناصر صلاح الدين، الجناح العسكري للجان المقاومة، على لسان المتحدث باسمها أبو عبير، على “حق الشعب الفلسطيني المشروع في مقاومة الاحتلال بكل الوسائل المتاحة حتى رحيله عن بلادنا وعودة اللاجئين والإفراج الكامل عن الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي”.
وقال أبو عبير، إن “من يغلّب مصالحه الخاصة على مصالح شعبنا سيهدم وسيكون مصيره جهنم”، موضحاً أن “ما يتعرض له شعبنا الفلسطيني من حصار وتجويع ومؤامرات داخلية وخارجية باتت واضحة المعالم وأميط اللثام عمن يقف خلفها من دول العالم الجائر وبعض القيادات المحسوبة على الشعب الفلسطيني التي كان لها الدور الأساس في تجويع الشعب ومحاولة تركيعه”.
واستبعد المتحدث باسم “فتح” في قطاع غزة ماهر مقداد، أن تكون هناك فرصة لتأليف حكومة وحدة وطنية، محملاً “حماس المسؤولية عن إحباط ما بذل من جهود وما تم التوصل إليه من تفاهمات بشأن تأليف هذه الحكومة”.
وتوقع مقداد، في حديث لـ “الأخبار”، أن يسأل عباس هنية عن أسباب تنصل حركة حماس وانسحابها من الاتفاق الذي تم التوصل إليه قبيل توجهه إلى الأمم المتحدة.
في المقابل، اتهم نائب رئيس المكتب السياسي لـ “حماس”، موسى أبو مرزوق، حركة فتح وعباس بالعمل على إفشال حكومة “حماس”، مشدّداً على أن حكومة الوحدة الوطنية هي سياسة الحركة وخيارها، نافياً أن يكون هناك أي خلاف بين قيادة الداخل وقيادة الخارج بشأنها.