بول أشقر
ثلاثة أيام قبل موعد الانتخابات البرازيلية العامة، التي تشمل اختيار رئيس الجمهورية وحكام الولايات. يبدو استحقاق هذه السنة محكوماً بقانون الاستمرارية، إذ تدل استطلاعات الرأي على أن الرئيس البرازيلي لويس أيناسيو لولا دا سيلفا لا يزال يتقدم بفارق كبير على خصمه الأساسي حاكم ولاية سان بولو، جيرالدو ألكمين، وسيحصل على الأرجح على أكثرية مطلقة من الأصوات ستكرس إعادته إلى سدّة الرئاسة من الدورة الأولى.
وكذلك في ما يخص حكّام الولايات، يرجح أن تفوز الأكثرية المطلقة من حكام 27 ولاية يؤلفون الجمهورية الاتحادية. وفي حال استحالة التجديد، سينجحون في إيصال خلفهم إلى سدّة الحاكمية.
ويذكر أنه حسب القانون البرازيلي، يحق التجديد مرة واحدة للذين يترشحون على مركز تنفيذي، رئيس أو حاكم، وفق نظام الانتخاب الأكثري على دورتين.
ويختلف المحللون على تفسير هذه الاستمرارية إن في حالة الرئيس أو في حالة حكام الولايات: ويرى المتشائمون في هذه الظاهرة إحباطاً عاماً إزاء السياسة يؤدي في النهاية إلى تفضيل بقاء الموجود على تغييره. المتفائلون يستخلصون منها صورة عن تحسن الوضع العام، إن على الصعيد الوطني العام أو على صعيد الولايات.
تبقى انتخابات مجلس النوّاب ومجالس الولايات التي تجري وفق النظام النسبي لقياس شعبية الأحزاب. في الانتخابات الأخيرة، نجح حزب «الشغيلة»، حزب الرئيس لولا، بتشكيل أكبر كتلة برلمانية للمرة الأولى في المجلس النيابي. السؤال الأساسي يدور حول قدرة هذا الحزب الذي ما برح ينمو منذ تأسيسه على المحافظة على موقعه المتقدم.
قبل سنة، كان المحللون يرجحون انهيار الحزب، إثر الفضائح المتتالية التي اعترضت رئاسة لولا، والتي أدت إلى انشقاق في صفوفه خسر بنتيجته نحو عشرة بالمئة من نوابه.
يبدو اليوم أن النتائج ستكون أكثر تواضعاً، ستكون نتيجة حزب الشغيلة شبيهة بنتيجته قبل أربع سنوات، ويبدو أنه سيعوّض على تراجعه في الولايات الجنوبية الأغنى بتقدمه في الولايات الشمالية الأفقر. وقد يستفيد من تفوق لولا الهائل في هذه الولايات. كما يرجح نموّاً معتدلاً لبعض أحزاب المعارضة الكبيرة. أكثر من أي شيء آخر، تشكّل هذه الانتخابات تحديّاً حيوياً للأحزاب الصغيرة لأن القانون يفرض عليها هذه المرة الحصول على خمسة بالمئة من الأصوات على الصعيد الوطني ليحق لها تشكيل كتلة برلمانية. ويرجح أن يتراوح عدد الأحزاب التي ستنجح في تخطي هذه العقبة بين أربعة وستة أحزاب.
على شاكلة الاستحقاق ونتائجه المتوقعة، تبدو الحملة الانتخابية باهتة، فلا مهرجانات كبيرة كما هي العادة، ولا حفلات موسيقية ضخمة، بعدما منعت المحكمة الانتخابية اللجوء إليها في محاولة لحصر النفقات الانتخابية، التي كانت وراء القسم الأكبر من الفضائح المالية في السنوات الأخيرة.
هذه السنة، اقتصرت الحملة الانتخابية على هذه العادة البرازيلية بالتلويح بأعلام المرشحين على مفترقات الطرق أو باجتياز المدن بسيارات مع مكبرات صوت تذيع أغاني ألفت خصيصاً لتذكير الناخب بأرقام المرشحين.
غاب نقاش الأفكار، واكتفى المرشحون بعرض وجوههم أو برامجهم في الحملة الرسمية اليومية التي تبث على التلفزة أو بواسطة الإذاعة. وحتى المناظرات التلفزيونية الكبيرة غابت هذه السنة. وعندما جرت، بثت في ساعات متأخرة من الليل بعد المسلسلات العاطفية التي تنتجها شبكة تلفزيون غلوبو، التي تتحكم بعقول الناس في هذا البلد القاري، وغاب عنها الفائزون المرجحون، واعدين بالمثول في الدورة الثانية... إذا حصلت.