القاهرة ــ خالد محمود رمضان
استقبلت القاهرة أمس وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي، بحملة انتقادات عنيفة في الصحف الرسمية تنبأت بفشل هدف الزيارة، وهو طلب تشكيل موقف مصري ــ إيراني داعم لحزب الله. لكن متكي استخدم المنبر المصري ليعلن أوضح موقف لطهران من سلاح المقاومة الإسلامية في لبنان: لن تضغط إيران على حزب الله لنزع سلاحه.
وخلال مؤتمر صحافي مشترك عقده مع وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط، قال متكي، الذي توجه في وقت لاحق إلى الجزائر، إن ايران تحترم قرارات الحكومة اللبنانية. وأضاف «ان حزب الله يعدّ جزءاً من الحكومة اللبنانية، والقرار اللبناني يعود الى اللبنانيين. وقد أيدنا ونؤيد القرار الذي يصدر بصورة جماعية من لبنان».
وأضاف متكي، الذي تلقى اتصالاً هاتفياً من وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي، أن إيران لن تضغط على حزب الله لنزع سلاحه، مشدداً على أن هذه القضية يجب أن تحل عن طريق الإجماع اللبناني. وقال إن جهود حل الأزمة في لبنان «يجب أن تكون جماعية ولا تقتصر على دولة بعينها». وتابع «نحن لا ننصح حزب الله بشيءأما أبو الغيط فقال، من جهته، إن هناك اتفاقاً مصرياً ـ إيرانياً على «التمسك بوقف اطلاق النار وتحقيق الاستقرار». وأضاف ان مصر تطالب حزب الله وإسرائيل باحترام الاتفاق الذي تم التوصل اليه لوقف اطلاق النار.
وذكرت مصادر مصرية رسمية أن مبارك أبلغ الوزير الإيراني ضرورة أن تساعد طهران على اعادة الاستقرار الى لبنان. وعلمت «الأخبار» أن متكي وضع مبارك في صورة موقف إيران من قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701، الذي رأى أنه تكريس لمحاولة الإدارة الأميركية وإسرائيل خلط الأوراق وحرمان حزب الله من سلاحه كمقدمة لنزع سلاح المقاومة. وكشفت المصادر نفسها أن متكي أبلغ مبارك أن طهران تعتقد أن على العرب وإيران الاستفادة من النتائج التي تمخضت عنها الحرب الاسرائيلية على لبنان، وأنها ترى ضرورة إعادة صياغة علاقات عربية ومصرية ــ إيرانية لمحاصرة الدور الاسرائيلي في المنطقة لاحقاً. وطالب متكي مبارك بزيادة تنسيق المواقف بين القاهرة وطهران، وأبدى استعداداً لمناقشة إمكانية إعادة العلاقات الديبلوماسية الكاملة بين الطرفين.
وكانت الصحف المصرية شنت حملة على زيارة متكي قبل وصوله إلى الإسكندرية. ونقلت صحيفة «الجمهورية»، تحت عنوان «هذا ما سيسمعه وزير خارجية ايران فى الاسكندرية»، عن «مصدر مسؤول» قوله إن «المعلومات التي توفرت لمصر عن الهدف من الزيارة ستنحصر في طلب طهران تشكيل موقف مصري ــ إيراني داعم لحزب الله في المرحلة المقبلة. وفي الوقت نفسه، اتخاذ مواقف قوية ضد إسرائيل وسياستها العدوانية في المنطقة». وتوقعت الصحيفة «أن يكون رد الفعل المصري ازاء المطالب الإيرانية هو أن المنطقة لم تعد تتحمل المزيد من التوترات، وأن مصر ترى أنه من الحكمة والحرص العمل على تهدئة الأمور في الوقت الراهن حتى لا تتصاعد مرة أخرى وتهدد وجود لبنان كدولة عربية وتؤثر على سيادته واستقلاله».
وفي ما يبدو أنه رسالة إلى أطراف أخرى يهمها الاطمئنان بأن العلاقات المصرية ــ الايرانية لم تنتقل الى المنطقة الدافئة، قال «المصدر المسؤول» إن «ما سيسمعه الوزير الإيراني في زيارته هو دعوة مصر إلى ضرورة تطبيق القرارات الدولية بالكامل، بما فيها اتفاق الطائف والقرارين 1559 و1680 والإفراج عن الجنديين الإسرائيليين». وأضاف أن «الوزير الإيراني سيعلم أن مصر حريصة على التواصل مع إيران، وعلى استمرار جهود تحسين العلاقات بين البلدين. كما تتمنى القاهرة أن تختفي، وإلى الأبد، نغمة السنة والشيعة التي بدأت تسود في بعض الدول، وتشغل العرب والمسلمين عن قضاياهم الرئيسية والتحديات التي سيواجهونها إذا ما انشغلوا بقضايا يراد الهاؤهم بها».
هذه اللهجة الحادة كانت تعبر عن اتجاه، سماه رئيس لجنة العلاقات الخارجية فى مجلس الشعب المصرى، مصطفى الفقي، «دق الأسافين». ويعلق الفقي على الزيارة، لصحيفة «الوفد» اليومية المعارضة، بالقول إن «عودة العلاقات الطبيعية بين القاهرة وطهران ضرورة تفرضها الأحداث المتسارعة في الشرق الاوسط، وهذه العلاقات لها مردودها الكبير لكلا البلدين، ولكن للأسف، فإن هناك من يسارع إلى دق الأسافين بين البلدين كلما ظهرت في الأفق مساحة للتقارب في ما بينهما».
وفي ما يبدو استكمالا للقاء الذي جرى في بيروت، أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية ان الوزير فيليب دوست بلازي اتصل بنظيره الإيراني للتأكد من احترام وقف الأعمال الحربية بين اسرائيل وحزب الله، كما اتصل بوزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيفي ليفني. وقالت وزارة الخارجية الفرنسية، في بيان، إن دوست بلازي «واصل فور عودته من نيويورك تكثيف اتصالاته بنظرائه بهدف التأكد من التطبيق الفعلي لوقف الأعمال الحربية». وأضاف البيان أن الوزير الفرنسي «حرص على أن يطلب من كل الأطراف احترام الوقف الفعلي للأعمال الحربية».
وفي طهران، قال رئيس مجلس الشورى الإيراني، غلام علي حداد عادل، أمام الجلسة العلنية للمجلس، "إننا نعتبر أن القرار الرقم 1701 الصادر عن مجلس الأمن الدولي حول الأزمة اللبنانيه غير عادل». وأضاف أن هذا القرار «يفتقد إلى الصراحة في بعض الحالات مثل دفع التعويضات الناجمة عن العدوان على لبنان».
ورأى المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، حميد رضا آصفي، في مؤتمره الصحافي الأسبوعي، أن القرار 1701 هو "شأن لبناني، والحكومة اللبنانية هي التي تقبله أو ترفضه، لكنه يُعتبر غير متوازن من وجهة نظرنا باعتبارنا بلداً يتابع التطورات في المنطقة». وقال «إن إيران ترحب بوقف اطلاق النار ومسرورة لذلك برغم أنه سيأتي متأخراً».
وأضاف آصفي «كان من المنتظر أن يركز القرار على المتسبب بالعدوان ألا وهو الكيان الصهيوني وجرائمه وأن يقطع الطريق على هذا الكيان في التمادي بجرائمه»، مشيراً إلى «أننا نعتقد أن الكيان الصهيوني هو الخاسر المطلق في هذه الحرب. وفي المقابل فإن الشعب والمقاومة اللبنانيين هما المنتصر المطلق». ورأى أن «الحكومة اللبنانية وحزب الله رفضا قضية نزع السلاح، وهذا الطلب غير شرعي وغير منطقي وينبغي أن نتذكر أنه ما دام هناك احتلال فإن المقاومة موجودة أيضا».