واشنطن ــ محمد دلبح
واشنطن محبطة؛ فربيبتها لم تتمكن من تنفيذ المطلوب منها في لبنان، أي توجيه ضربة قاضية لحزب الله، وهذا يعني انهيار “مخططات التغيير” الأميركية، التي كانت تمني النفس بتوسيع الحرب إلى سوريا. وهي التي وضعت خططاً لذلك، وأعدت مسبقاً خرائط “الشرق الأوسط الجديد”.
يتكشف يوماً بعد يوم المزيد عن حجم تورط البيت الأبيض في التخطيط للعدوان الإسرائيلي على لبنان وتوسيعه ليشمل سوريا؛ فرغم النفي الرسمي الأميركي لمنح إسرائيل “ضوءاً أخضر” للعدوان، أكدت مصادر مقربة من البيت الأبيض ووزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن صقور إدارة الرئيس جورج بوش أعربوا مراراً عن خيبة الأمل والإحباط إزاء عجز إسرائيل عن توجيه ضربة سريعة وساحقة إلى حزب الله.
ورأى الرئيس السابق لمجلس النواب الأميركي نيويت غينغريش، الذي يوصف بأنه أحد أبرز رموز تيار المحافظين الجدد المتطرف، أن حملة القصف الجوي الإسرائيلية على لبنان هي “غير مجدية لأنها لا تلحق ضرراً كثيراً بالعدو وهي تضعفك على شاشات التلفزةوتقول مصادر موثوقة إن دعاة توسيع العدوان على لبنان من المحافظين الجدد ليشمل سوريا يتولون مواقع مؤثرة للغاية في رسم سياسة البيت الأبيض تجاه المنطقة، ومن أبرزهم إليوت أبرامز، الذي يتولى منصب نائب مستشار الرئيس لشؤون الأمن القومي، وديفيد ورمسر، مستشار نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني للأمن القومي. وأبرامز وورمسر يهوديان أميركيان ويوصفان بأنهما من ذوي التوجهات الليكودية.
وتضيف المصادر نفسها أن أبرامز أقنع البيت الأبيض بمشاركة إسرائيل في المعلومات الاستخباراتية التي تجمعها وكالة الأمن القومي عن المنطقة العربية وإيران لاستخدامها في توسيع الصراع بين إسرائيل وحزب الله وحماس ليشمل سوريا وإيران.
وتصاعدت دعوات المحافظين الجدد في الآونة الأخيرة لتحفيز إسرائيل على ضرب سوريا، باعتبارها “ضعيفة ومجاورة”، كما كتب أحد رموزهم ماكس بوت في صحيفة “لوس أنجليس تايمز” الشهر الماضي، على عكس إيران، التي يرى المحافظون صعوبة في تكليف إسرائيل بضربها. ويقول بوت إنه ينبغي على إسرائيل، من أجل تأمين حدودها، أن تضرب نظام الرئيس (السوري) بشار الأسد.
وشددت المصادر على أن تيار الصقور داخل حكومة بوش وخارجها يضغطون على إسرائيل للقيام بعمليات حربية داخل سوريا، وخصوصاً قصف مطارين عسكريين قرب دمشق. ويظن أن المطارين هما الدمير والمزة. وتضيف المصادر أن نقاشات جرت بشأن هذه العملية بين وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) والبنتاغون وجهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (الموساد).
وتقول مصادر مطلعة إن الأسد أبلغ الوسطاء الأوروبيين، الذين التقوه في دمشق الشهر الماضي، أن بلاده تسعى إلى تجنب توسيع الحرب لكنها مستعدة للقتال في إحدى حالات ثلاث: الأولى، وصول قوات إسرائيلية إلى مشغرة في البقاع الغربي التي لا تبعد عن دمشق أكثر من 35 كيلومتراً. والثانية، أن تقوم إسرائيل بشن عدوان عسكري مباشر على سوريا. أما الحالة الثالثة فهي أن تشعر سوريا بأن موقف المقاومة اللبنانية القتالي بدأ يتضعضع.
على صعيد آخر، تدفق عشرات الآلاف من المتظاهرين مساء أول من أمس من معظم الولايات الأميركية إلى المنطقة المحيطة بالبيت الأبيض منددين بالعدوان الإسرائيلي على لبنان وفلسطين. وكتب على إحدى اللافتات الرئيسية أن تاريخ بوش سيسجل أنه دعم ارتكاب إسرائيل للمجازر في لبنان وفلسطين.
وامتدت التظاهرة إلى نحو خمسة كيلومترات، وضمت أكثر من خمسين ألف متظاهر، لوحظ أن نسبة كبيرة منهم من غير العرب الأميركيين وبعضهم من اليهود الرافضين للعدوان الإسرائيلي والحرب التي تشنها الولايات المتحدة على العراق. وتساءل الكاتب كارل ماسينيو، وهو يهودي أميركي: “كيف يمكننا بوصفنا يهوداً أن نرى الوحشية التي تمارس ضد اللبنانيين ونصمت؟ هل نحن وحوش؟ أي نوع من البشر نحن؟”.
وقال بوب براون، من قياديي الحزب الأفريقي الثوري: “لقد جئنا إلى الولايات المتحدة عبيداً، وتطلب الأمر منا 500 عام حتى نوصل واحدة منا إلى البيت الأبيض مثل كوندوليزا رايس لترتكب جرائم ضد الإنسانية”.