القاهرة ــ «الأخبارلا تعليق»... قالها منتصر الزيات بالإنكليزية عندما سألته صحيفة «الأخبار» عن فكرة استخدام الأمن للجماعة الإسلامية فى خطة ضرب «الإخوان المسلمين».منتصر الزيات هو محامي الجماعة الإسلامية، أو الوسيط بينها وبين جهاز أمن الدولة فى جولات مفاوضات الصلح وحقن الدماء، والتي امتدت من عام 1991 حتى عام 2001 «عندما خرج أول قيادي من الجماعة (حمدي عبد الرحمن) من السجن وأصبح للجماعة اتصال بالأمن».
ترك الزيات الجماعة عام 1984 بعد خلاف حول استمرار العنف. وكان من قيادات الصف الثاني البعيدة الى حد ما عن اتخاذ القرار. هو الذي اكتشف عضو الجماعة خليل الحكايمة وجنَّده فى جماعة أسوان قبل حادث المنصة واختبأ قى بيته سبعة أيام بعد اغتيال الرئيس السابق أنور السادات.
صحيفة «الأخبار» التقت الزيات وأجرت معه الحوار التالي:
* هل انزعجت أجهزة الأمن من إعلان خليل الحكايمة انضمام الجماعة الإسلامية الى تنظيم القاعدة لأنه يخشى من وجود ميليشيات نائمة؟
ــ ربما.
* ألم يطلب منك الوساطة مع الحكايمة؟!
ــ لا بالعكس.
* وهل هناك اتصالات معه؟
ــ الحكايمة من تلاميذي. أنا جندته، ثم سافر. منذ ذلك الحين، يتصل بين وقت وآخر لأن له مثلا معاملات مالية، بيت يبيعه أو أموال عند أحد ما، يتصل ليطمئن. وقبل ظهوره الذى فوجئت به في قناة «الجزيرة»، أرسل إلي كتابه عن الاستخبارات الأميركية، وطلب البحث عن ناشر فقلت له أن يرسل إلي تفويضاً. هذه حكايتي مع الحكايمة، وبعد ظهوره التلفزيوني اتصل الأمن بي واعترض على اتصالي به، قائلاً إن هذا الأمر خط أحمر.
* هل للحكايمة قوة أو ثقل هنا فى القاهرة، أم إنها محاولة من قيادات جيل الوسط أو ما بعد السبعينيّات لملء فراغ قيادة العنف بدلا من قيادات المصالحة؟
ــ الإعلام هو الذى يساهم الآن فى صنع تاريخ لهذه القيادات.
* هل كان موجودا على الخريطة، هل كان الأمن يرصد حركته؟
ــ كانت لديه عروض للعودة، فالأمن المصري لم يترك عنصرا جديدا إلا وخاطبه قائلاً له «تعال الى مصر، لن نؤذيك». وتمَّت الحوارات مباشرة أو عبر وسطاء. «الموبايلات اشتغلت»: ارجعوا يا جماعة. ورجع كثيرون بالفعل مثل محمد الظواهري (شقيق أيمن، الرجل الثاني في تنظيم القاعدة) ومصطفى حمزة.
* هل يمكن أن تصبح الجماعة الإسلامية بديلاً للإخوان المسلمين بعد عشر سنوات مثلا؟
- قبل ذلك بكثير.
* لكن النظرة التي كانت موجودة بعد المراجعات الفكرية، والتي سمّاها المتابعون «التوبة عن العنف»، هي أن الجماعة الإسلامية دخلت متحف التنظيمات. هذا قبل أن يخرج (رئيس مجلس شورى الجماعة) كرم زهدي على التلفزيونات ليعلن أن الجماعة لها 30 ألف عضو وأنها موجودة. هل الجماعة موجودة فعلا؟
- عندك حق، تبدو الصورة من بعيد وكأن الجماعة دخلت المتحف لأنها كانت تستطيع رفض العنف لكن تظل على موقفها النقدي من الدولة والنظام. لكنّ الجماعة لم تصدر بيانا واحدا ضد النظام لا فى انتخابات الرئاسة ولا بعدها، بل اقتصرت بياناتها على إدانة عمليات لـ«القاعدة» فى طابا أو شرم الشيخ أو غير ذلك، وبدا الأمر وكأن الجماعة أصبحت الجناح الدينى للحزب. (لا يكمل الإجابة متمتما: ستجعلني أقول كلاما يغضب الجماعة أكثر مما هى غاضبة علي).
* تقصد الحزب الوطني؟
- ربنا يسامحك ستورطني معهم.
* يرى الزيات أن إعلان الظواهري والحكايمة سيحرم الجماعة الإسلامية أجيالاً جديدة كان الأمن يتغاضى عن انخراطها فى النشاط المراقب من أمن الدولة، لكن هل يمكن أن تنشأ جماعة إسلامية من دون عنف؟
ــ للحق والحقيقة، فإن الجماعة الإسلامية نشأت "دعوية" أي جماعة دعوة. نشأت فى الجامعات المصرية واختير اسم الجماعة الإسلامية مختلفاً عن الجماعة الدينية التى أنشأها السادات ودارت حولها مناقشات كثيرة. جيلنا، جيل السبعينيات، هو الذي أنشأ الجماعة فى الجامعة. كانت "دعوية" وشعبية تكتسب أنصارها من الخطابة فى المساجد ومن أنها سلمية. كانت خلايا الجهاد وقتئذ فى البداية (1973) خلايا سرية، خلية أيمن الظواهري ــ ضمّت 13 عضوا ــ وخلية صالح سرية فى الفنية العسكرية. خطاب الجماعة لم يتخلّله العنف الا بعد اصطدامنا بالسلطة إبّان معاهدة "كامب ديفيد"، ثم استضافة شاه إيران فى مصر، وأخيرا، والأهم، تعديلات قانون الأحوال الشخصية التي جرت تحت إشراف السيدة جيهان السادات. هذه العوامل الثلاثة نقلت صراعنا مع السلطة الى مرحلة الصدام العنيف. والآن الجماعة تعود الى عهدها الأول.
* وما هو الفرق بينها وبين الإخوان المسلمين فى هذه الحالة، فكلاهما بدايته فى العنف المسلح ثم دخل فى مرحلة العمل السلمي؟
-«الإخوان» لهم رؤية مختلفة يتحركون الآن من داخل النظام، أي من خلال انتخاباته، وبالتالي أقروا بشرعية النظام. لكن الجماعة فى وضع مختلف، فقبل المراجعات لم تكن تؤمن بشرعية النظام. وهي لا تكفِّر المجتمع بل تُكفِّر رئيس الدولة والحكومة التى لا تطبق شعيرة من شعائر الإسلام.
* لكنهم الآن يؤمنون بشرعية النظام ويعترفون بمؤسسات الدولة، ما الفرق بين الجماعة والإخوان؟
لا يجيب الزيات، بل يعيد الحديث عن بدايات الجماعة الإسلامية حينما كانت تتعامل مع مسيرة الإخوان بانبهار ورغبة فى الوصول الى المكانة نفسها وعبر الفواتير الغالية نفسها.
* هل سيدخل الإخوان فى مباراة مع الجماعة تكون فى صالح النظام؟
-No comment (لا تعليق)