القاهرة ــ «الأخبارلم يعد سرّاً أن الدكتور أحمد نظيف يعيش آخر أيامه بوصفه رئيساً للحكومة المصرية، في وقت يكاد يجمع المقربون من مراكز صنع القرار على اسماء لخلافته فى حكومة تعلن بعد انتهاء اعمال المؤتمر الرابع لـ«الحزب الوطني» الحاكم، الذي يجري بين 19 و23 من ايلول المقبل.والاول فى بورصة الترشيحات هو رشيد محمد رشيد، رجل الاعمال وصاحب توكيلات مجموعة من ماركات استهلاكية اشهرها شاي «ليبتون» ومرقة دجاج «ماغي»، الذي تسلم حقيبة الصناعة والتجارة فى وزارة نظيف الأولى.
رشيد صديق الجميع ونشاطه ملحوظ، وخاصة فى مجال العلاقات الدولية. لكن الاقوى بين المرشحين لتولي رئاسة الحكومة هو محافظ البنك المركزي الدكتور فاروق العقدة الذي تجمعه علاقة ود مع الرئيس حسني مبارك، كما أنه صاحب الإنجاز الأهم في السياسة المالية، فمنذ توليه المنصب، استقر سعر صرف الجنيه المصري وتراجع سعر الدولار. هذا الأمر يجعل العقدة المرشح الأقوى، وخاصة مع انخفاض اسهم وزير البترول سامح فهمي بسبب حملة على صفقات الغاز الطبيعي التي حصل عليها حسين سالم، الصديق المقرب من مبارك. وتراجعت أيضاً افكار عن تولي اللواء عمر سليمان رئاسة الحكومة أو وضع جمال مبارك، ابن الرئيس، على اول سلم السلطة بتعيينه رئيساً للحكومة.
الكلام عن تغيير رئيس الحكومة يدور على مستويين. المستوى الاول متفائل يرى ان نظيف فى وزارته الثانية اكد على فشل سياساته، فيما عجزت حكومته عن تنفيذ برنامج الرئيس مبارك، بل كانت حكومة كوارث تلاحقها حوادث مروعة بداية من انفجارات شرم الشيخ وحتى قطار قليوب، مروراً بأم الكوارث في غرق عبارة السلام 98، وحادث القطار يوم امس، أي أن «الفساد أودى بحياة عدد مماثل لما أودت به حرب إسرائيل على لبنان على مدى 33 يوماً»، كما علق احد السياسيين.
والمثير ان الفساد لم يعد شكوى الناس العاديين، بل شكوى الوزراء انفسهم. ففي الاسبوع الماضي، اعلن ثلاثة وزراء فى مؤتمرات علنية ان وزاراتهم تعاني من فساد اداري ومالي. الوزارات هي الصحة والنقل والتضامن الاجتماعي، وكلها حقائب خدماتية ووزراؤها دخلوا مع حكومة نظيف الثانية ولم يكن يعرف اسماؤهم سوى زبائن البورصة وتوكيلات السيارات ومرضى «الخمس نجوم». كلهم لم يعرفوا السياسة.
وهؤلاء الوزراء كانوا محل ثقة القريبين من أذن الرئيس لحظة تشكيل الحكومة. كانوا محل ثقة مجموعات متضاربة انتصرت فى اللحظات الاخيرة على كل الشد والجذب بين النخبة المؤثرة وأخرجت حكومة «البيزنس» كما تسميها صحافة القاهرة. وهي فعلاً حكومة «بيزنس» بمعنى أقرب الى صفقات سياسية محدودة الأفق.
ويذكر أن أغلب الأعضاء الجدد هم أعضاء فى غرفة التجارة المصريةــ الأميركية، مركز الثقل الهام فى صنع القرار المصري، وهم لا يهتمون بالصناعة بل بتوسيع فكرة السوق المصرية أمام الشركات العابرة للجنسيات. هم أبناء «العولمة المتوحشة». هذه هي الوجوه الجديدة فى حكومة اختزلت حقوق الفقراء فى وزارة واحدة سمّتها «الضمان الاجتماعي» وجمعت للمرة الأولى بين حقيبة الشؤون الاجتماعية ومهمة التموين، وهما من تركة نظام الستينيات.
اما المستوى الثاني في الكلام عن تغيير رئيس الحكومة، فهو الأقرب الى الأسباب الحقيقية ويرجع الى خلاف، حسب بعض المراقبين، بين نظيف ومبارك الابن. كما يرجع البعض سبب ازاحة نظيف الى خلاف بينه وبين المجموعة المقربة من مبارك الابن، التي ترى انها صعَّدت «الرجل الضعيف»، لكنه اشتد وخرج عن السيطرة تحرك بعيداً عن مجال المجموعة المهيمنة.
ويقول محللون ان رحلته العام الماضي الى اميركا كانت “كارت قوة” يطرحه كـ “طرف” وليس مجرد “تابع”.