برلين ــ غسان ابو حمد
إذا كنت أسمر البشرة تتبضّع داخل متجر كبير في أي مدينة ألمانية، فكن على ثقة بأن الذين يحيطون بك ويعبثون بمحتويات البضائع على الرفوف ليسوا زبائن مثلك. إنهم رجال التحري، الذين تابعوا مسارك عبر كاميرات سرية للتأكد من أنك «غير إرهابي».
أما إذا كنت «ملتحياً» وملامحك «شرق أوسطية»، فتأكد من أنك ستحاصر بالعديد من «الموظفين» الذين يعرضون «مساعدتك وتسهيل أمورك»، للتأكد من سلامة الهدف الذي تسعى إليه.
أما إذا اكتملت المواصفات السابقة مع حقائب وأكياس بين يديك، سواء في متجر أو ساحة عامة أو محطة قطارات، فستجد فوراً بطاقة معلقة بسلسلة تمتد إليك مرفقة بصوت «أنا شرطي.. تفتيش».
ووسط هذا المناخ السائد في ألمانيا، أعلنت الشرطة أمس كشف هوية «المتهم الثاني» وأكّدت أنه «لبناني في العشرين من العمر يعيش في مدينة كولونيا وأن التحريات جارية للقبض عليه». أما وكالة «شتيرن أونلاين» فأخذت على عاتقها تعميم اسمه على أنه «اللبناني جهاد حمد».
وذكرت الإذاعة الألمانية أن الشرطة داهمت منزل عائلة المتهم في كولونيا، لكنها لم تتمكن من القبض عليه. وأفاد بعض معارف جهاد حمد بأنه شكلياً، كان يقطن مع عائلته، لكنه عملياً "كان يغيب عن المنزل باستمرار، ولا يهتم بمحتويات البريد المتراكم الذي يصل إلى علبته».
وأعرب رئيس دائرة مكافحة الجريمة في ألمانيا يورغ سيركه عن تفاؤله بالقبض سريعاً على المتهم الثاني، مع التحذير بأن فراره لا يزال «مدعاة للخطر من قوع أعمال إرهابية».
يذكر أن الشرطة الألمانية كانت قد اعتقلت طالباً لبنانياً في برلين، تقاطعت بعض المواصفات والأدلّة بينه وبين المتهم الثاني، لكنها أفرجت عنه بعد التحقيقات والتأكد من براءته.
في هذا الجوّ من القلق والخوف، تزامنت دعوات السياسيين إلى اليقظة والحذر مع سلسلة مشاريع أمنية لـ«حماية ألمانيا» من الإرهاب، وأبرز هذه الإجراءات اعتماد مشروع «مارشال القطارات»، وهو مشروع يشبه سلسلة الإجراءات الأمنية المعتمدة في المطارات وداخل الطائرات. وأبرز ملامحها نشر رجال شرطة سرية داخل حافلات القطار وزيادة عدد الكاميرات السرية داخل المحطات العامة وأيضاً داخل القطارات. ويرى بعض السياسيين الألمان أن رفع مستوى الرقابة على الحياة العامة سيؤدي بالضرورة إلى التضييق على الحريات الشخصية.
ويرى وزير الداخلية فولفغانغ شويبله أن «التهديدات وصلت إلى مستوى جدي وخطر»، لذا طالب الأحزاب السياسية بسرعة الاتفاق على حزمة جديدة من تشريعات وقوانين مكافحة الإرهاب وزيادة عدد الكاميرات كأحد الحلول المقترحة.