stnog>انتهت الحرب، ولو مؤقتا، عند سكان نهاريا وكريات شمونة، وبدأت مفاوضات التعويض عن أضرار الصواريخ اللبنانية، لكنها تحوّلت الى حرب استغلال، يتوخّى المستوطنون، من خلالها، أكبر قدر من الربح... من جراء عدوان يخلو عندهم من بعد «الأرض والكرامة»... ويبقى البعد المادي أهم ما يملكون.حيفا ــ فراس خطيب

بعد الإعلان عن وقف إطلاق النار، بدأ إطلاق نار من نوع آخر في إسرائيل، ليس بين المستوى السياسي والعسكري فقط، إنما بين طواقم مخمّني الأضرار المنبثقة من الحكومة الإسرائيلية وسكان بلدات الشمال.
ويحاول مواطنو الشمال جاهدين استغلال أحداث الحرب للحصول، من حكومتهم، على أكبر حجم ممكن من التعويضات نتيجة الأضرار التي خلّفتها الصواريخ التي أطلقتها المقاومة اللبنانية، حتى لو لم يصبهم الضرر. وواجه المخمّنون الإسرائيليون «مطالب غريبة» وصلت إلى حد مطالبة حكومتهم بتعويضات عن الطعام الذي فسد في الثلاجات أثناء الحرب.
وأعدَّت «يديعوت أحرونوت» تقريراً أمس، تناولت فيه حيثيات ما يجري وراء كواليس البيوت في نهاريا وكريات شمونة، أكثر البلدات تضرّراً من القصف. ونقلت الصحيفة الحوارات «الغريبة والسوقية»، التي دارت بين المخمّنين والسكان.
في أحد البيوت في نهاريا، تضرّرت الغسالة بشكل خفيف للغاية، وقدّر المخمّن أنَّ الضرر لا يستحق أكثر من 600 شيكل، (150 دولاراً تقريباً)، فردَّت عليه صاحبة البيت بـ«دلع»: «كن كريماً مامي (كلمة دلع بالعبرية) واجعلهم ألف شيكل».
تطوّرت ما بعد الحرب في بلدات الشمال المتضررة «تعابير متفق عليها» بين السكان، للحصول على تعويضات أكثر. ومن لم يقع الصاروخ في بيته، يستدعي المخمّنين ويقول لهم إن الأجهزة الكهربائية في البيت تضررت نتيجة «سقوط الصواريخ على مقربة من البيت». ويروي أحد المخمّنين أنه زار أحد البيوت المتضررة في كريات شمونة، وكان الصالون ممزقاً للغاية، وادّعى صاحب البيت أنَّ «كلب العائلة، أصيب بحالات هلع نتيجة الصواريخ وبدأ بتمزيق الكنبات». ويعقّب المخمّن بتهكّم «الناس تطوّروا هنا في كريات شمونة، كلهم يملكون صالونات إيطالية».
قدّم سكان الشمال ما يقارب الـ9 آلاف طلب للتعويضات، لا يشمل أصحاب المصالح الاقتصادية. ويُتوقّع أن يرتفع عدد الطلبات إلى 16 ألف طلب تصل كلفتها إلى أكثر من مليار ونصف مليار دولار، وهذا يشمل التعويضات البسيطة فقط.
في بيت تضرر من القصف، نال صاحبه تعويضاً، إلا أنه طلب تعويضاً إضافياً على الثلاجة قائلاً للمخمّن «عليك أن تعلم بأنَّنا في العائلة لا نشتري أجهزة مستعملة»، مشيراً إلى أنه يريد «استئجار بيت حتى نهاية الترميمات»، علماً بأنَّ البيت تضرر بشكل خفيف للغاية.
في بيت آخر، طلبت العائلة تعويضاً كبيراً نتيجة تضرر الثلاجة، ودفع المخمّنون ثمن ثلاجة كاملة، إلا أنَّ صاحب البيت طلب زيادة المبلغ 200 دولار. وقال للمخمّن «كان في الثلاجة قبل أن تتعطّل 25 نوعاً من الأجبان». وطلب إسرائيلي آخر تعويضات قدرها 800 دولار تقريباً عن محتويات الثلاجة قبل القصف، زاعماً أنه اشترى أغراضاً لإحياء حفلة عيد ميلاد ابنته، في يوم اندلاع الحرب. وتبين من تحقيق أجراه المخمّنون أنَّ ابنته وُلدت في تاريخ يبعد من الحرب كثيراً، وأنَّ أحداً من أفراد العائلة لم يصادف عيد ميلاده أثناء الحرب.
وكشف المخمّنون عند أحد أصحاب البيوت في مدينة نهاريا يملك تلفزيوناً كبير الحجم (48 إنشاً) كان قد اشتراه قبل الحرب وتضرّر نتيجة الصواريخ. وتبين للمخمنين أنَّ التلفزيون الثمين تنقّل بين الجيران جميعهم، كل يوم في بيت، وطالب الجيران بتعويضات عنه. ويقول المخمّن «صدّقنا على تعويض لأصحاب التلفزيون، وفي اليوم التالي وجدناه في بيت آخر ... كل يوم كنا نجده في بيت».
وادّعت امرأة من كريات شمونة أن غسالتها تضررت من كرة حديدية كانت في أحد الصواريخ، فردّ عليها المخمن بأنَّ البيت لم تدخله كرات حديدية أصلاً، فقالت له «دخلت الكرة من ثغرة في الباب وأصابت الغسالة».
ويقول مدير مركز شكاوي الجمهور إن «الناس يشكون عندما يحلّ الهدوء فقط. أنا متأكد الآن، عندما تدوّي صافرة الإنذار مرة أو اثنتين، أنهم سيسكتون جميعاً».