strong>ردمت فرنسا وألمانيا الفجوة التي ظهرت بينهما خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان، فاتفقتا خلال قمة جمعت الرئيس الفرنسي جاك شيراك والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، على موقف شبه موحّد من لبنان وفلسطين وإيران، إلا أن التباين في شأن سوريا بقي ظاهراً.
باريس ــ بسّام الطيارة

حوّل شيراك وميركل أمس الذكرى الثانية والستين “لتحرير باريس” من الاحتلال الألماني إلى منصّة لإطلاق مواقف من الأوضاع في الشرق الأوسط، بدءاً من لبنان مروراً بسوريا وفلسطين ووصولاً إلى إيران، فرأى الرئيس الفرنسي أن لا حاجة إلى 15 ألف جندي من القوة الدولية، مكرّراً انتقاده لسوريا، لكنه خفّف من حدة لهجته تجاه طهران، التي قال إن ردّها على عرض الحوافز الدولية “ملتبس بعض الشيء”.
وبدأت المستشارة الألمانية زيارتها إلى باريس بوضع الزهور على نصب الجندي المجهول، ثم عقدت اجتماعاً “غير رسمي” مع الرئيس الفرنسي، أعقبه مؤتمر صحافي مشترك، انتقدا خلاله “استمرار الحصار الإسرائيلي المفروض على لبنان”.
وأعربت ميركل عن “الأسف لموقف سوريا غير البنّاء” في ما يتعلق بتنفيد القرار ١٧٠١، فيما قال شيراك “ليس لدى السوريين تصرف يوحي بالثقة بشكل أوتوماتيكي”.
غير أن المستشارة الألمانية أظهرت موقفاً متبايناً عن الموقف الفرنسي بشأن التواصل مع دمشق في تبريرها “قطع رحلة وزير خارجيتها شتينماير الاسبوع الماضي”، فقالت “إن هذا لا يعني أننا لا نريد أن يكون لنا تواصل مع هذا أو ذاك من الأطراف”. وأعربت عن استعدادها لاتصالات لكن “ليس على أي مستوى كان، ولا تحت أية شروط كانت”. وتابعت: “على المدى الطويل، سيكون لجميع الاطراف أدوار يؤدونها، بما في ذلك سوريا”.
ويتفق المراقبون على ان هذا التباين “البسيط” ما هو إلا جزء من التحول الذي طرأ على العلاقات بين فرنسا وألمانيا منذ وصول ميركل إلى الحكم، وفكها “الارتباط الاستراتيجي” بين سياسة ألمانيا وفرنسا، التي كانت قائمة منذ عهد الرئيس الفرنسي الأسبق جيسكار ديستان في أواسط السبعينيات من القرن الماضي.
وتقول مصادر مقربة من الإليزيه، إن اصطفاف برلين إلى جانب واشنطن ولندن في الحرب الإسرائيلية على لبنان “أضعف كثيراً الموقف الفرنسي”. وتؤكد هذه المصادر أنه “لم يكن هناك أي تنسيق بين برلين وباريس خلال الأزمة اللبنانية” وأن ألمانيا ــ ميركل باتت “تحلّق في السرب الأنكلوساكسوني في الاتحاد الأوروبي”، وسياستها تدعم موقف بريطانيا المتماهي مع سياسة واشنطن بوضوح.
وانتقد الرئيس الفرنسي التوجه الأميركي المطالب برفع عدد اليونيفيل إلى 15 ألف جندي، فقال إن هذا الرقم “زائد عن الحد المطلوب”. وتقول مصادر، إن المحادثات التي سبقت اللقاء مع الصحافة لم تدخل في تفاصيل تأليف القوات الدولية، إلا من باب تأكيد ألمانيا على “مساهمتها في قضية دعم الحكومة اللبنانية لمراقبة حدودها”، ويفسر هذا انفتاح شيراك وميركل على مسألة رفع الحصار. كما تسرّب أيضاً أن الزعيمين تباحثا في قضية مؤتمر المانحين الذي سيعقد في استوكهولم الخميس المقبل.
وأعرب شيراك وميركل عن أملهما في أن تعاود اللجنة الرباعية الدولية للشرق الاوسط جهودها للتوصل الى اتفاق بين الفلسطينيين وإسرائيل. وذكّرت ميركل بأن الازمة في الاراضي الفلسطينية تمثّل اصل النزاع في الشرق الاوسط.
ولم تغب القضية النووية الإيرانية عن محادثات الجانبين، فرأت ميركل أن “الباب لا يزال مفتوحاً” مع ايران، إلا أنها رأت أن الرد الايراني على عرض الدول الكبرى في الملف النووي “يتجاهل عناصر مهمة”، خصوصاً شرط تعليق تخصيب اليورانيوم.
وقال الرئيس الفرنسي، من جهته، إن الرد الايراني على عرض الدول الكبرى "ملتبس بعض الشيء، خصوصاً بشأن طرق تعليق النشاطات الحساسة الذي طلبته الاسرة الدولية”.
إلى ذلك، رأى وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي، في حديث لإذاعة “ار تي ال”، أنه يأمل ألّا تتمكن سوريا من العودة الى المجتمع الدولي “عن طريق النزاع الاسرائيلي اللبناني وتفلت من التحقيق”. وأضاف: “هذه دولة فيها قادة لا تزال اصابع الاتهام موجهة اليهم من لجنة التحقيق الدولية”.