لا يزال الجدل بشأن شرعية نتائج الاستفتاء التركي مستمراً بعد أيام من تصويت الأتراك لمصلحة التعديلات الدستورية التي تمنح صلاحيات واسعة للرئيس رجب طيب أردوغان.
فبعد رفض المجلس الأعلى للانتخابات جميع الطعون المقدمة، تحدث وزراء في الحكومة، أمس، عن أن جميع السبل الأخرى لإعادة النظر بهذا القرار مغلقة.
وبينما اعتبر أردوغان، أمس، أن «المسألة انتهت» مع رفض الطعون، تحدث وزير العدل بكر بوزداغ، عن أن المحكمة الدستورية سترفض أي طعن تقدمه المعارضة على نتيجة الاستفتاء، مؤكداً أيضاً أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لا تملك الولاية القضائية لبت هذه الطعون. ويأتي كلام بوزداغ رداً على إعلان «حزب الشعب الجمهوري» المعارض أنه قد يحيل الطعن على نتائج الاستفتاء إلى المحكمة الدستورية التركية أو المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بعد قرار المجلس الانتخابي الأعلى رفض النظر في الطعون التي تقدم بها هو و«حزب الشعوب الديموقراطي».
ويرتكز طعن المعارضة على قبول المجلس الانتخابي الأعلى بطاقات غير مختومة في عملية الاقتراع، اعتبرها نائب رئيس «الشعب الجمهوري» بولنت تزجان، بأنها فتحت المجال أمام «التزوير والجدل» وأنها «أزمة شرعية خطيرة».
وانتهز بوزداغ الفرصة أيضاً لتكرار انتقادات حكومته لتقرير صادر عن مراقبين أوروبيين وصفوا فيه الاستفتاء، الذي جرى في ظل قانون الطوارئ، بأنه «لم يجر وسط أجواء تنافسية عادلة»، معتبراً أن «من أعد هذا التقرير منحاز».

بيّن استطلاع أن 13 في المئة من ناخبي الحزب الحاكم صوّتوا بـ«لا»

أوروبياً، تحدث مفوض شؤون التوسيع في الاتحاد الأوروبي جوهانس هان، عن ضرورة بدء مفاوضات مع أنقرة بشأن علاقتها مع أوروبا بعد استفتاء 16 نيسان. وفيما لاحظ هان أن المفاوضات سبق أن وصلت إلى مرحلة «الإخفاق» بسبب «التراجع الكبير لتركيا في حريات الصحافة وحكم القانون»، قال إنه حالياً يجب الحديث عن إعادة نظر في العلاقة بين الطرفين. وتابع أنه عندما تطبق التعديلات الدستورية وتتحول تركيا إلى نظام رئاسي، تكون قد ابتعدت أكثر عن «المعايير» الأوروبية بخصوص فصل السلطات واستقلالية القضاء.
بدوره، نبه الأمين العام لمجلس أوروبا ثوربون ياغلاند، إلى أن عقوبة الإعدام لا تنسجم مع عضوية هذه المؤسسة، وذلك بعدما أشار الرئيس التركي إلى إمكان إجراء استفتاء حول إعادة العمل بها.
وأضاف أن «هذا الأمر ينطبق أيضاً على إعادة العمل بها، إذ لا يمكن للدولة المعنية أن تكون عضواً في مجلس أوروبا. إنها نقطة أساسية في الشرعة الأوروبية لحقوق الإنسان». لكن ياغلاند اعتبر أن الوقت لا يزال مبكرا للحديث عن شروط إمكان طرد تركيا من المؤسسة الأوروبية التي مقرها في ستراسبورغ وتضم 47 دولة.
وفيما كانت السلطة التركية تعتمد أسلوب «تطهير» البلاد من «الانقلابيين» بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 تموز، يبدو أنها تتجه نحو قمع المشككين بشرعية نتائج الاستفتاء، فقد نقل موقع إخباري تركي أن أحد صحافييه أوقف أمس لتشكيكه في «شرعية» فوز معسكر «نعم». وأوقف الصحافي في موقع «سنديكا دوت أورغ» المرتبط بالنقابات، أرغين دميرهان، فجر أمس خلال عملية للشرطة في مقر الموقع في اسطنبول. واتهم دميرهان بـ«تنظيم احتجاجات على مواقع التواصل الاجتماعي بهدف اعتبار نتيجة الاستفتاء غير شرعية»، وكذلك «الحض على الكراهية» و«إهانة ممثل للدولة»، وفق الموقع.
وسبق للشرطة أن اعتقلت 16 ناشطاً يسارياً في اسطنبول خلال تظاهرات رافضة لنتائج الاستفتاء، أول من أمس، وعدداً آخر من الأشخاص بما محصلته 38 مذكرة توقيف، فيما شهدت أحياء في اسطنبول تظاهرات يومية مناهضة لأردوغان منذ إعلان فوزه بالاستفتاء. كذلك، أوقف ستة أشخاص في مدينة إزمير بتهمة شتم أردوغان علناً مساء يوم الاستفتاء.
من جهة ثانية، تحدث رئيس تحرير صحيفة «حرييت» مراد يتكين، في تقرير، أمس، عن استطلاعات جديدة صدرت بعد الاستفتاء تبيّن نتائج «صادمة». ووفق استطلاعات لـ«إيبسوس» و«سي أن أن ترك»، فقد تبين أن شخص الرئيس أردوغان كان الأكثر تأثيراً على خيارات الناخبين ممن صوتوا «نعم» أو «لا». إضافة إلى ذلك، أظهر الاستطلاع أن 73 في المئة من ناخبي «الحركة القومية» المتحالف مع أردوغان صوتوا عكس إرادة حزبهم ورفضوا التعديلات الدستورية، كما أن 13 في المئة من ناخبي «العدالة والتنمية» صوتوا بـ«لا» في خمس مدن رئيسية وهي: اسطنبول وأنقرة وإزمير وأضنة وبورصة. وبينت الإحصاءات أيضاً أن 51 في المئة من الناخبين في المدن هم ضد التعديلات، بينما 62 في المئة من الناخبين في المناطق الريفية صوتوا لمصلحة التعديلات.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، الأناضول)