لم تسلم باكستان من تجسس حليفتها واشنطن على برنامجها النووي، ووصل إنفاق وكالات الاستخبارات الأميركية الى المليارات لمراقبتها، تماماً كما تنفق لمراقبة أعداء واشنطن كتنظيم «القاعدة» وإيران.وأوردت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية أن «ترسانة المخابرات الأميركية التي تقدر بـ 52.6 مليار دولار تستهدف بشكل رئيس خصوم واشنطن الذين لا لبس فيهم مثل تنظيم «القاعدة» وكوريا الشمالية وإيران، إلا أن وثائق الميزانية السرية للمخابرات الأميركية كشفت عن تركيز متساوٍ على إحدى الدول الحليفة لأميركا وهي باكستان، فلا يوجد دولة تخضع لمثل هذا التدقيق في العديد من الفئات التي تمثل اهتماماً بالأمن القومي».
ويظهر ملخص ميزانية للعمليات السرية للاستخبارات الأميركية باسم «الميزانية السوداء» من 178 صفحة، أن الولايات المتحدة صعدت من رصدها لأسلحة باكستان النووية، وذكرت بمخاوف لم يكشف عنها في الماضي بشأن مواقع كيماوية وبيولوجية هناك، وتفاصيل محاولات تقييم ولاءات مصادر مكافحة الإرهاب الذين جندهم الـ«سي آي إيه».
وظهرت باكستان في قمة الرسوم البيانية المعبرة عن ثغرات حرجة للمخابرات الأميركية، وأصبحت هدفاً لخلايا تحليلية تم تشكيلها أخيراً، والمخاوف بشأن أمن برنامجها النووي منتشرة، حتى إن أحد أبواب الميزانية حول احتواء انتشار الأسلحة غير المشروعة يقسم العالم إلى قسمين: باكستان، وغيرها.
وتكشف هذه الوثائق، التي قدمها إدوارد سنودن لـ«واشنطن بوست»، عن مستويات جديدة من عدم ثقة الولايات المتحدة بشراكة أمنية غير مستقرة بالفعل مع باكستان، غير المستقرة سياسياً والتي تواجه صعوداً في النشاط الإسلامي المسلح، كما أنها تكشف أيضاً عن محاولات أكبر لجمع معلومات استخبارية عن باكستان أكثر مما كشف عنه المسؤولون من قبل.
وتابعت إن الولايات المتحدة قدمت مساعدات بقيمة 26 مليون دولار لباكستان في السنوات الـ 12 الأخيرة بهدف تحسين استقرار البلاد وضمان تعاونها في جهود مكافحة الإرهاب.
لكن، وبعد قتل زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن وإضعاف القاعدة، بدت وكالات التجسس الأميركية كأنها تركز على رصد مخاطر برزت خارج مناطق باكستانية تراقبها طائرات أميركية بلا طيار.
في قضايا أخرى، أكدت «واشنطن بوست» أن وثائق سرية أخرى حصلت عليها من سنودن تكشف معلومات جديدة عن انتهاكات لحقوق الإنسان في باكستان.
ونقلت وكالات التجسس الأميركية أن مسؤولين باكستانيين كباراً في الجيش والاستخبارات كانوا على علم وربما أمروا بتنفيذ حملة واسعة من التصفيات استهدفت مقاتلين ومعارضين آخرين.
واستندت هذه المعلومات إلى اتصالات اعترضت بين 2010 و2012 ومعلومات استخبارية أخرى.
وكان بإمكان الكشف العلني عن هذه الوثائق أن يجبر إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما على قطع المساعدات للقوات المسلحة الباكستانية، عملاً بقانون أميركي يحظر تقديم مساعدة عسكرية لجهات تنتهك حقوق الإنسان.
لكن الصحيفة أكدت أن الوثائق تشير إلى اتخاذ مسؤولي الإدارة قراراً بعدم الضغط في هذا الملف للحفاظ على العلاقة الهشة مع باكستان.
وفي ردود الفعل، أوضح سفير باكستان في الولايات المتحدة حتى 2011، حسين حقاني، «إن كان الأميركيون يوسعون قدرات مراقبتهم، فذلك يعني شيئاً واحداً وهو أن العلاقة يسودها انعدام الثقة وليس الثقة».
من جهتها، أكدت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي، كايتلين هايدن، أن الولايات المتحدة «ملتزمة شراكة طويلة الأمد مع باكستان، ونحن ملتزمون بالكامل بناء علاقة تستند إلى المصالح المشتركة والاحترام المتبادل».
وأضافت «لدينا حوار استراتيجي مستمر يعالج بواقعية الكثير من القضايا الرئيسية بيننا، من إدارة الحدود إلى مكافحة الإرهاب، من الأمن النووي إلى تعزيز التجارة والاستثمار».
وأضافت إن «الولايات المتحدة وباكستان تتشاركان مصلحة استراتيجية تكمن في مواجهة التحديات الأمنية في باكستان ونواصل العمل بشكل وثيق مع قوى الأمن الباكستانية المحترفة والملتزمة من أجل ذلك».
(الأخبار، أ ف ب)