باريس | أعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أن بلاده ستستعجل سحب قواتها من أفغانستان، على أثر مقتل 4 جنود فرنسيين، صباح أمس، على يد جندي أفغاني من القوات التي تشرف فرنسا على تدريبها في منطقة «وادي كابيسا»، قرب كابل. وجاءت هذه الحادثة لتزيد من استياء القيادات العسكرية الفرنسية وعائلات المجندين، حيال تصاعد الهجمات على القوات الفرنسية في أفغانستان، وخاصة أن عمليات الاغتيال المدبرة ضد الجنود الفرنسيين لم تعد مقتصرة على هجمات مسلحي «طالبان»، بل صارت تُرتكب أيضاً من قبل بعض الجنود الأفغان المتدربين.
وهؤلاء من المتعاطفين مع حركة «طالبان»، الذين يوعز إليهم بالاندساس في صفوف الجيش الأفغاني، حتى يسهل عليهم الاقتراب من أهداف عسكرية غربية لتدبير هجمات انتحارية ضدها.
وكانت عملية مماثلة قد أودت بجنديين من «اللفيف الأجنبي» الفرنسي قتلا بـ«نيران صديقة»، الشهر الماضي.
ورفضت السلطات العسكرية الفرنسية الكشف عن ملابسات تلك الواقعة، ولم تؤكد رسمياً التقارير الإعلامية التي قالت إنهما قتلا بنيران جنود أفغان كانوا يدرّبونهم. ورجحت المصادر العسكرية آنذاك أن الأمر يتعلق بحادثة معزولة، لكن مقتل الجنود الفرنسيين الأربعة أمس أثبت العكس.
بهذه العملية، وصل عدد القتلى من الجنود الفرنسيين في أفغانستان إلى 82 قتيلاً، منذ وصولها إلى البلاد أواخر عام 2001، ضمن الحملة العسكرية الغربية التي تلت هجمات 11 أيلول.
ويؤكد تصاعد العمليات المسلحة ضد الجنود الفرنسيين المخاوف التي أثارها العديد من الخبراء، وخاصة منذ الإعلان رسمياً، في أواخر شهر كانون الثاني من العام الماضي، عن سحب القوات الفرنسية من أفغانستان وفق برنامج تدريجي يمتدّ لـ 8 أشهر.
الخبراء العسكريون رأوا أن مدة الانسحاب هذه، التي تمتد إلى غاية حزيران المقبل، طويلة للغاية ومحفوفة بالمخاطر. وحذّروا من أن التعليمات التي أُصدرت إلى القوات الفرنسية في أفغانستان بلزوم قواعدهم، وعدم المخاطر بأي مهمات خارجية من دون إذن مسبق من قيادة الأركان العسكرية في باريس، لن تكون كافية لكفّ الهجمات التي تستهدفهم.
وقال مصدر عسكري في «قيادة العمليات الخاصة» الفرنسية COS، تحدثت إليه «الأخبار»، إن تقريراً مفصّلاً كان قد وُجِّه إلى «قيادة الأركان»، في تشرين الثاني الماضي، للتحذير من أصناف مغايرة من الهجمات التي تستهدف القوات الفرنسية في أفغانستان. وأضاف المصدر إن التقرير المذكور أشار بوضوح إلى تزايد الخطر المتمثل في اندساس عناصر متعاطفة مع طالبان في صفوف أفراد الجيش الأفغاني الذين تتولى القوات الفرنسية تدريبهم، وذلك بعدما أصبح متعذراً على «طالبان» اصطياد الجنود الفرنسيين خلال مهمات خارجية، كما في السابق.
وحذّر التقرير بأن نسبة المتعاطفين سراً مع طالبان بين المجندين في الجيش الحكومي الأفغاني لا تقل عن 10 بالمئة. وبالتالي يقول المصدر العسكري الذي تحدثت إليه «الأخبار» إن مقتل الجنود الفرنسيين الأربعة ليس حادثاً معزولاً، ولا هو بالأمر المفاجئ بالنسبة إلى الخبراء. ولا يُستبعد أن يتزايد هذا النوع من العمليات، إن لم تسرّع السلطات الفرنسية من وتيرة سحب قواتها من موطن «البشتون».