نواكشوط | في مشهد حضاري غير مسبوق، من شأنه أن يعيد تكريس الديموقراطية في السنغال، بعد أشهر من المواجهات والعنف، اعترف الرئيس عبد الله واد بهزيمته في الدورة الثانية من انتخابات الرئاسة التي جرت أول من أمس، وبادر إلى الاتصال هاتفياً بغريمه السياسي، رئيس حكومته السابق، ماكي صال (51 عاما)، لتهنئته على الفوز بالرئاسة.
وعاشت العاصمة السنغالية، أمس، أجواءً من الفرحة تذكر بتلك التي صاحبت وصول الرئيس المنتهية ولايته، عبد الله واد، إلى السلطة ديموقراطياً عام 2000. ونجحت «النهاية السعيدة للامتحان الانتخابي» في مسح صورة العنف الذي صاحبه، حيث تجمع عشرات آلاف السنغاليين أمام مقر الحملة الانتخابية للرئيس الجديد، لإطلاق الألعاب النارية والهتافات المؤيدة للتغيير الديموقراطي.
وتحدث الرئيس الجديد أمام أنصاره مؤكداً أن «الفائز الأكبر في هذا الامتحان الديموقراطي هو الشعب السنغالي». وأضاف أن «عهداً جديداً يبدأ اليوم في السنغال، وسأعمل بكل جهدي طوال هذا العهد الجديد من أجل خدمة مصالح وطننا والقارة الأفريقية التي ننتمي إليها». وبعد التصديق الرسمي على النتائج واعتراف واد بهزيمته، ألقى صال خطاباً تلفزيونياً إلى الشعب السنغالي، قال فيه: «لقد أثبتنا للعالم أن ديموقراطيتنا عظيمة». لكنه استدرك قائلاً: «يجب ألا ننسى الشهداء الذين سقطوا في الأشهر الماضية دفاعاً عن هذه الديموقراطية». وبادر صال إلى مدّ يده لأنصار واد، قائلاً: «أتوجه بالشكر إلى كل الذين أسهموا من خلال تصويتهم في إنجاح هذه الانتخابات، سواء منهم من صوّتوا لي أو للرئيس واد. وأؤكد لهم أنني سأكون رئيساً لجميع السنغاليين، من دون تمييز أو استثناء».
وصال هو رابع رئيس يتولى الحكم في السنغال منذ استقلالها عن فرنسا، عام 1960. وكان الزعيم السنغالي ليوبول يبدار سنغور قد أرسى تجربة ديموقراطية فريدة في منطقة غرب أفريقيا، حيث تنازل طواعية عن الحكم، عام 1980، وخلفه عبدو ضيوف، الذي غادر السلطة هو الآخر ديموقراطياً، بعد هزيمته أمام عبد الله واد في انتخابات عام 2000. وكان إصرار واد على الترشح لولاية رئاسية ثالثة قد أثار انتقادات شديدة داخل البلاد وخارجها؛ لأنه عُدّ «مساساً بالأعراف الديموقراطية التي اتسمت بها الحياة السياسية السنغالية منذ الاستقلال». لكن مسارعة واد إلى الاعتراف بنتائج الانتخابات وتهنئة منافسه، قطعت الطريق أمام أي أحداث عنف كان يُخشى أن تعطل نتيجة الاقتراع.
على مستوى ردود الفعل الدولية، رحّب الاتحاد الأوروبى في بروكسل بنتائج الانتخابات، ورأى المتحدث مايكل مان أنه «انتصار كبير للديموقراطية فى السنغال وفي أفريقيا بأكملها». فيما وجه الرئيس نيكولا ساركوزي خطاب تهنئة إلى الرئيس السنغالي الجديد، قائلاً: «للمرة الثانية خلال 12 عاماً، برهنت بلادكم على قدرتها على إدارة التداول على الحكم بشكل مثالي». كذلك رأى رئيس الاتحاد الأفريقي، جان بينغ، أن النتائج «أسفرت عن انتقال سلمي للسلطة. وهذا أمر مشرف للقارة بأكملها».
وفي موريتانيا، جارة السنغال التي توجد فيها واحدة من أكبر الجاليات السنغالية، التزمت الحكومة الصمت، بينما سارعت المعارضة إلى الترحيب بفوز الرئيس السنغالي الجديد، على لسان زعيم المعارضة الموريتانية، أحمد ولد داداه.