بينما كانت المعارضة الموريتانية تستعد للقيام باعتصام مفتوح، بدايةً من يوم الأربعاء المقبل، من أجل إرغام رئيس البلاد محمد ولد عبد العزيز على التنحّي عن السلطة، عمدت الحكومة، في إجراء استباقي، إلى سحب البساط من تحت أقدام الزعيم التاريخي للمعارضة الموريتانية، أحمد ولد داداه. فقد صدّق مجلس الوزراء، في اجتماع ترأسه ولد عبد العزيز أول من أمس، على قانون جديد رأى المراقبون أنه جرى تفصيله خصوصاً لإقصاء زعيم المعارضة. وقال وزير الداخلية الموريتاني، محمد ولد أبليل، إن زعامة مؤسسة المعارضة الديموقراطية (تكتل سياسي يضم أبرز التيارات المعارضة) يجب أن تنتقل إلى أشخاص منتخبين، حيث يشترط القانون الجديد أن تكون زعامة أي حزب محصورة بشخص يحمل صفة نائب برلماني أو عضو في مجلس الشيوخ أو منتخب
في مجلس محلي.
ونفت الحكومة أن يكون الهدف هو إقصاء ولد داداه أو أي زعيم معارض آخر، مشددةً على أن هذا القانون الجديد جاء تطبيقاً للتوصيات التي خرجت بها المشاورات السياسية التي جرت بين أحزاب الموالاة وأربعة أحزاب معارضة، ووافق خلالها الجميع على أن يكون زعيم المعارضة منتخباً في منصب برلماني أو محلي.
ويعدّل القانون الجديد أحكام المادة المتعلقة بنظام تسيير «مؤسسة المعارضة الديموقراطية»، ويحدد دور وتمثيل كل حزب عضو فيها، وفقاً لعدد نواب تشكيلته في البرلمان.
وفيما تقول الحكومة الموريتانية إن سنّ هذا القانون يندرج في إطار تنفيذ الحكومة لنتائج مشاورات الحوار الوطني بين الغالبية والمعارضة، حيث جرى التوافق على أن زعيم المعارضة يجب أن يحظى بإجماع أحزاب
المعارضة الممثلة في البرلمان، وأن يكون من الحزب الذي يمتلك غالبية نواب المعارضة في البرلمان، يرى المراقبون السياسيون في نواكشوط أن «صدور القانون في هذه الظرف بالذات يعدّ رداً عنيفاً من الموالاة حيال التصعيد المتزايد في لهجة المعارضة ومواقفها، وبالأخص زعيمها أحمد ولد داداه، الذي يطالب بتنحّي رئيس البلاد».
ويُرتقب أن يفقد ولد داداه منصبه كزعيم لائتلاف المعارضة، بموجب القانون الجديد، لأنه ليس منتخباً في البرلمان، وتولى زعامة المعارضة لكون حزبه «تكتل القوى الديموقراطية»، يعدّ أكبر تشكيلات المعارضة تمثيلاً في البرلمان. لكن أحزاب المعارضة تجاهلت هذا القانون، وقلّلت من قيمته.
وفسّر قيادي معارض تحدثت إليه «الأخبار» تقليل المعارضة من أهمية هذا القرار، بالإشارة إلى أنها «ترى أن سلطة رئيس البلاد الحالي باتت في حالة موت سريري».
وسط هذه التجاذبات، يشهد الشارع الطلابي الموريتاني حالة غليان، بفعل تداعيات «يوم الغضب الطلابي» الذي جرى تنظيمه أول من أمس، وعلى أثره اقتحمت الشرطة كليات العلوم والآداب والطب في جامعة نواكشوط، واعتقلت العديد من القيادات النقابية الطلابية بتهمة «تسييس الوسط الطلابي».
ودانت المنظمات الحقوقية الموريتانية، في بيان مشترك، أصدرته، ما سمّته «استخدام العنف المفرط في مواجهة التظاهر الطلابي السلمي»، داعيةً إلى إطلاق سراح جميع الطلبة الذين اعتُقلوا على خلفية تظاهرات جامعة نواكشوط.
وعبّر البيان، الذي اشتركت في توقيعه منظمات «نجدة العبيد» و«المرصد الموريتاني لحقوق الإنسان» و«المنظمة الموريتانية لحقوق الإنسان»، عن إدانته لإفلات مرتكبي جرائم التعذيب من المتابعة القضائية، وطالب بإنزال عقوبات صارمة بهم، مهما كانت مستويات مسؤوليتهم.
وخلص البيان إلى مناشدة السلطات الإفراج الفوري عن كل معتقلي الرأي، والسهر على حماية الحريات العامة والفردية، وتفعيل الاتفاقيات الدولية المناهضة للتعذيب.