الدار البيضاء | تتباين المواقف بين الشارع والقصر الملكي في المغرب حيال الانتخابات الرئاسية الفرنسية، ففيما تفضّل المعارضة اليسارية والإسلامية فوز فرانسوا هولاند، يجنح قصر الرباط لتأييد الرئيس الحالي نيكولا ساركوزي. هذه الأهمية التي يوليها المغرب للانتخابات الفرنسية يفسّرها الدور البارز الذي تؤديه فرنسا في العديد من القضايا والملفات المهمة للمغرب، فباريس هي المدافع الأول عن مقترح الحكم الذاتي المغربي في نزاع الصحراء الغربية، كما أنها الشريك الاقتصادي الأبرز للمملكة الشمال أفريقية، وهي المخاطب الأول للرباط في هيئات الاتحاد الأوروبي.
المغرب الرسمي، أي القصر الملكي والحكومة، يدعم ساركوزي ويتمنى فوز اليمين بولاية رئاسية جديدة، وخاصة في الظرف السياسي الراهن. فاليمين الفرنسي دعم بقوة التعديلات الدستورية الأخيرة في المغرب، وساركوزي وصف المملكة المغربية بأنها «نموذج للديموقراطية». أما علاقات النظام المغربي مع اليمين الفرنسي، فقد اتسمت تاريخياً بالتقارب والتفاهم الدائم، على عكس العلاقة مع اليسار الفرنسي، التي عرفت فترات صعبة، مثل تلك التي تلت اختطاف واغتيال المغربي اليساري المهدي بن بركة، في باريس، خلال الستينيات، ثم الخلافات التي نشأت في عهد الرئيس فرانسوا ميتران والملك الحسن الثاني في الثمانينيات، على خلفية اضطهاد المعارضة اليسارية، ووصلت الأمور إلى حد سحب السفير الفرنسي من الرباط.
ويرى المراقبون أن من مصلحة القصر الملكي بقاء اليمين الفرنسي في الحكم، لأنه أكثر تفهماً لطبيعة النظام المغربي، بينما اليسار يُخضع علاقات البلدين على الدوام لمدى الاحترام الفعلي للحريات ولحقوق الإنسان.
مع ذلك، وتحسباً للفوز المتوقع لليسار، سارع القصر الملكي إلى فتح قنوات اتصال مع الحزب الاشتراكي الفرنسي، واستقبل الملك محمد السادس مبعوثة فرانسوا هولاند، مارتين أوبري. ونُقل عن أحد الكوادر ذي الأصل المغاربي في الحزب الاشتراكي، أن هولاند لكن يكون راديكالياً مثل ميتران في موقفه من المغرب، لأنه محاط بعدد من الشخصيات ذات الأصل المغربي، التي تنظر بإيجابية إلى الإصلاحات الأخيرة، ومن هؤلاء مديرة حملة هولاند، نجاة بلقاسم، لكن هذا لا يكفي لتخفيف مخاوف السلطات المغربية من مواقف اليسار الفرنسي، وخاصة بخصوص قضية الصحراء الغربية، حيث يخشى القصر المغربي فقدان الدعم الفرنسي اللامشروط لمواقفه في المحافل والهيئات الدولية.
من جهتها، فضّلت الحكومة المغربية التريث، ولم تعيّن سفيراً جديداً لدى باريس، بانتظار ما ستؤدي إليه نتائج انتخابات الرئاسة. وإذا تأكدت التوقعات بفوز اليسار، فالأرجح أن يُختار سفير من كوادر حزب «الاتحاد الاشتراكي»، الذي تربطه صلات تاريخية متينة مع اليسار الفرنسي.
يبقى السؤال بخصوص خيارات مغاربة فرنسا. فبعض المصادر لا تستبعد قيام النظام بتشجيع المغاربة الفرنسيين على التصويت لساركوزي، لكن الباحث يوسف الهلالي، يقول إن غالبية مغاربة فرنسا أقرب إلى اليسار، وسيقترعون للمرشح الاشتراكي.
أما السياسي اليساري، يوسف بلال، فيرى أن موقف الناخبين المغاربة من مرشحي الرئاسة الفرنسية «لا يجوز أن يكون إيديولوجياً، بل يجب أن ينطلق من معطيات براغماتية، وفي مقدمتها وضعية جاليتنا، والجالية المهاجرة العربية عموماً، التي واجهت أوضاعا بالغة الصعوبة في عهد الحكومات اليمينية، حيث ارتفعت حدة التمييز والعنصرية على جميع الأصعدة».