أكد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، أمس، ان عمليات توقيف آلاف اليهود اثناء حملة «فالديروم ديفار» يومي 16 و17 تموز 1942 في باريس، كانت «جريمة ارتكبت في فرنسا من قبل فرنسا»، ليضع نفسه بذلك على درب الرئيس السابق جاك شيراك، ويتميز في موقفه عن سلفه الاشتراكي فرنسوا ميتران. وأكد الرئيس الفرنسي، في تقديم كتيب لمناسبة احياء ذكرى هذه الواقعة أمس في الدائرة الـ 17 في باريس، مسؤولية فرنسا عن «جريمة» عمليات توقيف وترحيل اليهود، وذلك بعد 17 عاماً من اثارة شيراك لذلك. واكد هولاند، في خطابه، «نحن ندين للشهداء اليهود في فيلودروم ديفار بحقيقة ما جرى قبل 70 عاماً» و«الحقيقة ان ما حصل ارتُكب في فرنسا من قبل فرنسا».
واضاف هولاند إن «الحقيقة صعبة ومرة»، لكن «الحقيقة ان الشرطة الفرنسية تولت بناءً على لوائح أعدّتها، توقيف آلاف الأبرياء»، الذين جرى اقتيادهم «من قبل الدرك الفرنسي حتى معسكرات الاحتجاز»، مشدداً على ان «الحقيقة انه لم تتم تعبئة جندي ألماني واحد» في هذه العملية. وحرص هولاند على الإشادة بالرئيس الأسبق جاك شيراك، الذي كان «له الفضل الكبير.. في الاعتراف في هذا المكان يوم 16 تموز 1995 بهذه الحقيقة».
وكان شيراك أول رئيس فرنسي يعترف بمسؤولية فرنسا عن ترحيل اليهود، فيما رفض كل من الجنرال شارل ديغول (1958-1969) وفرنسوا ميتران (1981-1995) الإقرار بذلك، معتبرين أنه لم يكن هناك اثناء فترة الاحتلال الألماني لفرنسا، الا جهة شرعية فرنسية واحدة هي فرنسا الحرة بزعامة الجنرال ديغول، من المنفى. ورغم ان أحدهما اشتراكي والآخر ديغولي، فان مقاربتي هولاند وشيراك اتفقتا في شأن هذه الفترة من تاريخ فرنسا. وتحدث هولاند عن «الطابع الفريد للمحرقة» النازية لليهود، مؤكداً انه لن يكون «هناك مبنى للتدريس لا يمكن ان تدرس فيه» المحرقة النازية. واضاف «لن يسقط الأمر من الذاكرة»، ويجب «التصدي بلا هوادة لكل اشكال التزوير» بهذا الخصوص. وحذر هولاند من ان الجمهورية الفرنسية ستطارد «بأقصى درجات التصميم» معاداة السامية، التي قال إنها «ليست وجهة نظر بل دناءة». واعتبر ان قتل حاخام وثلاثة اطفال يهود في آذار الماضي في تولوز جنوب غرب فرنسا، وترحيل يهود الى المعسكرات الألمانية النازية، لا يختلفان.
وقال هولاند «قبل أربعة اشهر قتل أطفال للسبب ذاته الذي قتل به اولئك الذين اوقفوا في فالديروم ديفار: لأنهم كانوا يهوداً». وكان يشير الى جرائم قتل ارتكبها فرنسي من اصل جزائري يدعى محمد مراح، طاولت جنوداً فرنسيين من اصل مغاربي ويهودا. واضاف «ان امن يهود فرنسا ليس قضية اليهود، بل إنه قضية الفرنسيين جميعاً، وأعتزم ضمانها في كل الظروف والأماكن».
وحضر المراسم رئيس المجلس الممثل للمؤسسات اليهودية في فرنسا ريشارد براسكييه، الذي اشاد بهولاند وبانخراط خطابه «في خط» الرئيس شيراك، مشدداً على ان تصريحاته بشأن مناهضة السامية «هامة جداً». من جانبه، ذكر رئيس جمعية أبناء اليهود المرحلين من فرنسا، سيرج كلارسفيلد، انه «اذا كان قد جرى ترحيل 11 الف طفل يهودي، فإن 60 الف طفل أُنقذوا بأيدي مواطني الشعب الفرنسي، الذي يستحق في الغالب أن يوصف بأنه منصف».
وكان قد جرى ترحيل 75500 يهودي الى معسكرات الموت النازية من بين 320 الف يهودي كانوا يعيشون في فرنسا مع بداية الاحتلال الالماني. ونجا نحو 2500 من المرحلين.
(أ ف ب)