أنقرة | يعمل حزب «العدالة والتنمية» من أجل تطبيق خطة «راديكالية» لإعادة تشكيل الخريطة الانتخابية، بنحو يسمح بزيادة عدد البلديات التي يسيطر عليها، واستقبال الانتخابات العامة والرئاسية بنحو أقوى. وبدأت لجنة برلمانية، أول من أمس، دراسة مسوّدة قانون يتضمن إعادة ترسيم الدوائر الانتخابية لإصداره قبل الانتخابات المحلية العام المقبل. وفي حال جرت الموافقة على مشروع القانون، فإن قوة الحزب الحاكم سوف تتزايد.
وتعدّ الانتخابات المحلية المقبلة بالغة الأهمية لمستقبل تركيا، فنتائجها سوف تحدد مصير الانتخابات العامة في 2015 والرئاسية في 2014، إضافة الى أن رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان سوف يتخذ قراره الأخير بشأن ترشحه للانتخابات الرئاسية بناءً على نتائج هذه الانتخابات المحلية.
ووفقاً للتوزيع الحالي للدوائر المحلية التركية، هناك 16 بلدية، من ضمنها إسطنبول وأزمير وأضنة. أما مشروع القانون المعروض فيرفع عدد البلديات من 16 إلى 29. وبموجب القانون الجديد، ينتقل الناخبون من التصويت في إدارات مقاطعاتهم الى التصويت في إدارات المدن المركزية. ومن المعلوم أن حزب «العدالة والتنمية» أقوى في المقاطعات والمناطق الريفية مقارنة مع المراكز. ويفترض أن يسمح القانون الجديد بزيادة عدد الناخبين في المدن المركزية آلياً؛ فعندما يبدأ الناخب الريفي بالتصويت في إدارات المدن المركزية، يتوقع أن يخسر مرشحو أحزاب المعارضة أمام مرشحي «العدالة والتنمية».
ويملك الحزب الحاكم ما يكفي من الأصوات في البرلمان من أجل إمرار المشروع، رغم أن المعارضة تبذل قصارى جهدها لمنع ذلك. وقد أخذت مناقشة أول عشرة مواد فقط من مسوّدة القانون ما يقارب 9 ساعات من عمل اللجنة. ويرى حزب «الحركة القومية» أن مسودة القانون تفتح المجال أمام نظام إداري فدرالي في تركيا. ويعدّ النظام الفدرالي بمثابة كابوس بالنسبة إلى القوميين، لأنهم يخشون أن ينتفع الأكراد منه. لكن في المقابل، فإن «السلام والديموقراطية» الموالي للأكراد يرى عكس لك، ويقول إن مشروع القانون سوف يزيد من المركزية.
من جهته، قال نائب رئيس كتلة حزب «الشعب الجمهوري» في البرلمان، محم إنك، إن الحزب الحاكم يريد الإمساك بالسلطة من خلال البلديات، بما أنه لا يستطيع أن يفوز بها عبر انتخابات عادلة. وأضاف «أعني أنهم يريدون أن يستولوا على دعم تلك المدن من خلال تعديلات قانون، لأنهم يعلمون أنهم لا يستطيعون الفوز بها عبر صناديق الاقتراع».
لكن الحركة القومية تذهب في مخاوفها إلى أبعد من ذلك بشأن مشروع القانون الذي يستحدث أربع بلديات جديدة في مناطق تتمتع بشعبية كردية. وبحسب نائب رئيس الحركة، صدر درماز، فإن هذه المدن سوف يحكمها حزب العمال الكردستاني.
وفي الواقع، فإنه بموجب القانون الجديد سوف يخسر الحزب الحاكم ماردين لصالح «السلام والديموقراطية» الذي بدوره سوف يقوّي نفوذه أكثر في بلديات فان ودياربكر.
مع ذلك، فإن «السلام والديموقراطية» يعارض القانون. ووصف زعيمه صلاح الدين ديميرتا هدف أردوغان هذا بأنه حلم لن يتحقق أبداً. وقال إن حزبه سوف يفوز بالانتخابات في ماردين في جميع الأحوال، ولا حاجة هناك من أجل سن قانون لذلك. وأشار الى أن مسوّدة القانون تناقض المشاركة الديموقراطية، لأنها تلغي الإدارات المحلية الصغيرة وتجعل النظام أكثر مركزية.
لكن رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان دحض، خلال جلسه برلمانية، هذه المزاعم، وأكد أن الهدف من مشروع القانون هو تأمين فعالية أكثر في تقديم الخدمات البلدية الى المواطنين، كما أن الأمر سيكون أقل كلفة. وقال «لدينا هدف واحد: حماية مصالح بلادنا».
وفي جميع الأحوال، فإن الحكومة تتحمل مجموعة من المخاطر من خلال هذه التعديلات، لكن وفقاً للصحافي البارز في صحيفة «زمان»، عبدالله بوزكيرت، فإنه ما دام الحزب الحاكم يمسك بالبلديات الأساسية، فلا مانع لديه إن خسر بعض النسب من تصويت الناخبين.