• لدينا اتصالات مع معارضين سوريّين • سوريا ليست ليبيا
• لبنان يحتاج إلى حكومة موسّعة

يبدو المتحدث الرسمي باسم الحكومة البريطانية، مارتن داي، مرتاحاً مع اللغة العربية التي يتقنها إلى حدّ مقبول، من دون أن يمنعه ذلك من توخّي الحذر في الإجابة عن الأسئلة الحساسة، وذلك في مقابلة حصرية مع «الأخبار»

تأخّر تأليف الحكومة اللبنانية من دون أن ينفي ذلك ترجيح أن تكون التشكيلة المقبلة من لون واحد، قد يكون حزب الله ركنها الرئيسي. هل سيكون التعاطي البريطاني مع الحكومة المقبلة مرتبطاً بشرط التزام لبنان بالمحكمة الدولية لمقاضاة قتلة الرئيس رفيق الحريري؟
- تعتقد الحكومة البريطانية أنّ لبنان بحاجة إلى حكومة تتمتع بأوسع دعم ممكن من الشعب اللبناني، وفي الوقت نفسه تلتزم بواجباتها إزاء المجتمع الدولي والتعهدات إزاء القانون الدولي. نحن لا نعتقد أنّ إحقاق العدالة في قضية اغتيال الرئيس الحريري يتناقض مع استقرار لبنان وأمنه. ومن أجل بناء مستقبل أفضل للبنان، لا بد من احترام المحكمة الدولية، ونحن مصرّون على هذا. لذلك، قدّمت الحكومة البريطانية تمويلاً إضافياً للمحكمة، ونحضّ الدول الأخرى على ضرورة تقديم المزيد من المساعدات للمحكمة. نفهم جيداً أن هذا الموضوع حساس، لكنْ لدينا موقف حاسم منه.

هذا يعني أنكم بعيدون عن أي صفقة قد تُعقَد بهدف تأجيل إصدار القرار الظني الخاص بالمحكمة وتخفيف التوتر الذي قد ينشأ عنه.
- ليس من حقنا التدخل في هذه الأمور، وفي أي شيء يتعلق بعمل المحكمة الدولية المستقلة تماماً عن الحكومات، لذلك نرفض أي محاولة لعرقلة أعمال المحكمة.

سبق لكم أن ميّزتم بين الجناح العسكري لحزب الله الذي تصفونه بـ«الإرهابي»، وجناحه السياسي الشرعي. أين أصبح حوار الحكومة البريطانية مع حزب الله اليوم؟
* الاتصالات بين الحكومة البريطانية وحزب الله كانت في عهد الحكومة البريطانية السابقة، وهذه السياسة لا تزال مصدر قلق لحكومتنا الحالية. ونحن نراجع السياسات السابقة تجاهه، وليس هناك أي اتصالات مع حزب الله.

في ما يتعلق بالاحتجاجات الجارية في سوريا، هل أنتم متمسّكون بضرورة أن يقوم النظام الحالي بقيادة بشار الأسد بالإصلاحات، أم تفضّلون رؤية نظام بديل من البعث؟
- نريد ما يريده الشعب السوري الذي يحمل مطالب مشروعة، والاستقرار في سوريا سيتحقق بالإصلاحات لا بالقمع، لذلك فُرضت عقوبات على مسؤولين سوريين لإقناع النظام بتغيير سلوكه، والحل بيد الرئيس بشار الأسد، لأن المزيد من القمع سيؤدي إلى المزيد من الضغط على النظام من قبل المجتمع الدولي، ونحن نعمل على استصدار قرار جديد في مجلس الأمن يدين النظام السوري، لكن المناخ الدولي صعب، إذ من المعروف أن لدى روسيا علاقات قوية مع النظام السوري، وهي ترفض إدانة سوريا، لكن يستحيل علينا أن نقف مكتوفي الأيدي إزاء ما يجري. لكن من يحكم في نهاية المطاف في سوريا ليس شأناً بريطانياً بل سوري، والأمر متروك للشعب السوري مئة في المئة.

هل ترون أنّ الوقت لم يحن بعد للدعوة إلى تغيير النظام في سوريا؟
- نرى أنّ الوقت قصير، ويمرّ بسرعة، والنظام السوري يقف عند مفترق طرق، والكرة في ملعبه. فإن استمرت أعمال العنف ولم يفرج عن المعتقلين السياسيين، فسنعمل مع حلفائنا على توسيع العقوبات على المسؤولين السوريين.

هل الحكومة البريطانية على اتصال أو تنسيق مع نائب الرئيس السوري المنشق عبد الخليم خدام، وخصوصاً أنه تحدث عن تمويل أوروبي وأميركي لجزء من المعارضة السورية؟
- لدى الحكومة البريطانية اتصالات مع الكثير من القوى السورية في الداخل والخارج، وهذا أمر ضروري لأي حكومة، ونقوم بهذا على مستوى العالم. وقد أنشئ صندوق بريطاني جديد لتمويل التنمية البشرية والسياسية والاقتصادية في تونس ومصر... لأن الاستقرار يخدم المصالح البريطانية.

لكن هل لديكم اتصالات تحديداً مع عبد الحليم خدام؟
- لن أجيب عن هذا السؤال. لدينا اتصالات مع الكثير من السوريين، لكن الكثير من هذه الاتصالات تجري وراء الكواليس، وهذا أمر طبيعي.

دعا عبد الحليم خدام المجتمع الدولي وحلف شمالي الأطلسي إلى التعاطي مع النظام السوري بالطريقة نفسها التي يتعاطيان بها مع النظام الليبي، أي بالقوة العسكرية. ما ردّكم على هذه الدعوة؟
- سوريا ليست ليبيا. بمعنى أنه في ليبيا اتخذ مجلس الأمن القرار 1973 الذي يجيز استخدام كل الوسائل لحماية المدنيين، بعد طلب واضح من جامعة الدول العربية. أما في سوريا، فالمناخ الدولي يختلف تماماً عن ليبيا. فنحن مصرّون على استصدار إدانة دولية وعقوبات، لكن نجاحنا في ذلك يعتمد على مواقف دول أخرى كروسيا والصين. ونحن نركّز على آليات مختلفة عن الضربة العسكرية، من خلال العقوبات والإدانة الدولية لسوريا ضمن إطار القانون الدولي.

هل تؤيّد القيادة البريطانية إرسال قوات خاصة برية لتصفية أو اعتقال القيادة الليبية التي لا تزال ملتفّة حول العقيد القذافي؟
- القرار الدولي الرقم 1973 لا يسمح لنا بإرسال قوات احتلال إلى ليبيا، وهو ما يفرض قيوداً على عملياتنا.

أصبح إعلان الدولة الفلسطينية في أيلول المقبل أمراً مرجَّحاً. كيف ستتعاطون مع هذا الاستحقاق؟
- نركّز في الوقت الحالي على كيفية إطلاق المفاوضات الفلسطينية ـــــ الإسرائيلية، ليس من أجل المزيد من المفاوضات، بل من أجل السماح بإعلان الدولة الفلسطينية بحلول شهر أيلول. إن لم يتحقق هذا الهدف في أيلول، فعلينا أن نفكر في الخطوات المقبلة، ولم نتّخذ بعد قراراً بهذا الشأن، علماً بأنّ الاتحاد الأوروبي سبق أن أعلن أنه سيعترف بالدولة الفلسطينية في الوقت المناسب، انطلاقاً من مبدأ أن لا أمن لإسرائيل من دون إقامة الدولة الفلسطينية.

توصف بريطانيا بأنها أحد الصقور في تعاطيها مع الملف النووي الإيراني. على ماذا رست مفاوضات الكتلة الغربية المتمثلة في مجموعة الدول الست مع إيران؟
- للأسف، كل التصرفات الإيرانية تثير الكثير من التساؤلات، ونحن نريد جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل. لكن إذا صنعت إيران القنبلة النووية، فإنّ ذلك سيجعل من هذا الحلم شيئاً مستحيلاً، وهذا الأمر سيكون كارثة على المنطقة بأكملها. لا نزال نقول للسلطات الإيرانية إن باب الحوار لا يزال مفتوحاً من أجل التوصل إلى تسوية سلمية، لكن هنا لا بد من التحذير من أن صبرنا له حدود مع إيران، ونحن مستعدون لتعزيز العقوبات ضدها، والحل يبقى بيد السلطات الإيرانية للجلوس معنا ولمناقشة المخاوف بجدية. ومن حق إيران أن تثير أي قضية أخرى معنا، من إسرائيل إلى المسألة الفلسطينية.



يحرص المتحدث باسم الحكومة البريطانية مارتن داي، في كل مناسبة، على الإضاءة على استقلالية قرار حكومته عن الإدارة الأميركية، وهو ما يركّز عليه حين يكرّر أكثر من مرة دعوته واشنطن إلى أن تقبل بإقامة دولة فلسطينية بحدود عام 1967، مع القدس عاصمة لها، وحل عادل لقضية اللاجئين