افتتح زلزال اليابان الكوارث النووية لهذا العام في فوكوشيما، ليثير جدلاً واسعاً بشأن الطاقة النووية ومدى سلميّتها. ويأتي الانفجار في الموقع النووي الفرنسي، أمس، ليعيد فتح الملف الذي لم يغلق بعدأدى انفجار فرن في موقع ماركول النووي، في جنوب فرنسا، أمس، الى مقتل شخص وأصابة أربعة آخرين، فيما سارعت السلطات المحلية الى إعلان قلقها من «مخاطر حدوث تسرب نووي». إلا أن منظمة السلامة النووية، أكّدت أنه «لم يحدث أي تسرّب نووي». وأضافت إن «الفرن الذي انفجر يستخدم في صهر المخلفات التي تتراوح مستويات الإشعاع فيها بين منخفضة وشديدة الارتفاع».
من جهتها، طمأنت الشرطة إلى عدم وجود تلوث خارج الموقع الذي يقع على بعد 30 كيلومتراً من مدينة أفينيون، التي تبعد 80 كيلومتراً من ساحل البحر المتوسط. الجدير بالذكر، أن فرنسا، وهي أكثر دول العالم اعتماداً على الطاقة النووية، تجري اختبارات للتحمل على مفاعلاتها التي يبلغ عددها 58 في أعقاب كارثة فوكوشيما باليابان. وقد تظاهر 5 آلاف فرنسي احتجاجاً أمام أقدم المحطات النووية الفرنسية في فيسينهايم بمنطقة الألزاس على الحدود الفرنسية الألمانية وطالبوا بإغلاقها، كردّ على إعلان الحكومة عزمها على إمكان إطالة عمر المحطة لمدة عشر سنوات أخرى.
وبلدة فيسينهايم أصبحت نقطة توتر بين ألمانيا وفرنسا، بعدما قرّرت الأولى التخلي عن الطاقة النووية. واتفقت الصحف الفرنسية على اعتبار أغلب المتظاهرين من الألمان، كما اتهمت جمعيات فرنسية وسويسرية وألمانية بأنها نظّمت التظاهرات بدعم من حزب الخضر والحزب الاشتراكي الفرنسيين.
وتتخوّف ألمانيا من اندلاع حريق مماثل لفوكوشيما نتيجة كارثة طبيعية طارئة أو أخطاء بشرية أو تكنيكية، ولا سيما بعدما تسربت أنباء عن أن مفاعل فوكوشيما كانت تديره شركة مختصة على درجة عالية من الحرفية والمهنية العلمية، لكنْ هناك حديث عن فساد في جولات الفحص الضروري خلال آجال معينة وتبديل قطع أخرى وتطمينات مبالغ فيها، فأي من هذه الاحتمالات يمكن أن تؤدي إلى كوارث لا يمكن أن يتكهن بها أحد.
وكان اللوبي النووي الفرنسي قد رأى، إثر وقوع كارثة فوكوشيما في اليابان في آذار الماضي، أن الكارثة ما كانت لتحصل «لو أن اليابان كان يعتمد على المفاعلات الفرنسية من الجيل الثالث
(ا ب ر)!». ويتساءل اللوبي في ظلّ اشتداد المعارضة للطاقة النووية وتقديم البراهين بالاستناد الى التجربة الألمانية للحديث عن إمكان التخلي عن الطاقة النووية، عن «مصير 200 ألف عامل فرنسي يعملون في الصناعة النووية وفي 58 مفاعلاً فرنسياً ويؤمنون أكثر من 75% من الطاقة الكهربائية للدولة الفرنسية، مقارنة مع 25% في اليابان و20% في الولايات المتحدة الأميركية».
وقد أحيا حادث فوكوشيما جدلاً صاخباً في أوروبا كلها لكونها تعتمد بنسبة 30% على الطاقة النووية لتوليد الكهرباء. ومن المؤكد أن انفجار أمس، وإن كان وقعه خفيفاً نسبة الى الكوارث النووية، إلا أنه سيفتح جدلاً كبيراً ويجعل الأحزاب تنادي بشدّة وعزم كبيرين لإقفال جميع المحطات المشابهة.
(الأخبار، أ ف ب)