على وقع تصاعد تهديدات وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان بحق رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، التي وصلت هذه المرّة الى طلب حصاره في رام الله، على غرار ما حصل مع الرئيس الراحل ياسر عرفات، رفضت الحكومة العبرية اقتراحاً فلسطينياً يقضي بالتنازل عن شرط تجميد الاستيطان من أجل استئناف المفاوضات مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين. وطالب ليبرمان، خلال خطاب أمام حشد للشبيبة اليهودية المحتفلين بعيد الأنوار العبري، حكومته بمحاصرة عباس في مدينة رام الله في الضفة الغربية المحتلة، ومنع تنقله، وذلك بعدما وقع اتفاق المصالحة مع حركة «حماس»، كما حثّ على وقف تسليم السلطة مخصصات الضرائب خشية وصولها إلى «حماس». ورأى أن بقاء حكم «حماس» في غزة «خطيئة» تتحمل مسؤوليتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة. وفي لقاء مع برنامج «واجهة الصحافة» في القناة العاشرة الاسرائيلية، انتقد وزير التعليم، جدعون ساعر، توقيع المصالحة الفلسطينية، مشيراً إلى أن «حماس» ستمثل خطراً داهماً على إسرائيل في المستقبل القريب، وخاصة في ظل أجواء «الربيع العربي»، التي مثلت انتصاراً للتيارات الإسلامية. وقال ساعر إن عباس «سيندب حظه بعد سيطرة «حماس» على منظمة التحرير، مثلما سيطرت على السلطة عام 2006». وأوضح أن «حماس حركة منظمة تعمل بتخطيط، فهي لا تريد مصالحة، بل تريد تطويق السلطة والسيطرة على مناطق الضفة ومطاردة فلول عباس». بدوره، رأى أستاذ الدراسات الشرق أوسطية في جامعة «بار إيلات»، البروفسور رافي شامير، أن تطور علاقة «حماس» إقليميّاً مع الأنظمة الجديدة بعد الربيع العربي، سيشهد تنامياً، وخاصة أن الكثير من الحكومات العربية الجديدة المشكلة هي من الإسلاميين، الذين تربطهم بـ«حماس» علاقات أخوية إسلامية، قبل العلاقات السياسية، متوقعاً أن تفوز «حماس» برئاسة السلطة إذا ما جرت انتخابات تشريعية فلسطينية في أيار المقبل. وفي سياق التسوية الفلسطينية ـــــ الإسرائيلية، كشف أوفير جندلمان، المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن تل أبيب رفضت أية شروط مسبقة لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين، وذلك بعد الاقتراح الفلسطيني الذي يقضي بالتنازل عن تجميد الاستيطان مقابل إطلاق سراح أكثر من 100 أسير فلسطيني من سجون الاحتلال، على حد تعبيره. وقال جندلمان إن «إسرائيل تصر على عودة الرئيس عباس إلى التفاوض حالاً بلا شروط مسبقة تهدف فقط إلى تعطيل المفاوضات». وذكرت الصحف الإسرائيلية أن الاقتراح الفلسطيني جاء نتيجة ضغوط كبيرة مارستها «اللجنة الرباعية الدولية» على عباس من أجل استئناف المحادثات قبل 26 كانون الثاني المقبل، وهو التاريخ الذي ستنتهي فيه المهلة المعطاة من «الرباعية» للطرفين لاستئناف المفاوضات. وأشارت إلى أن مسؤولين في «الرباعية»، وخصوصاً من الاتحاد الأوروبي، أوضحوا للجانب الفلسطيني أنه في حال استمرار الجمود السياسي حتى 26 كانون الثاني، فإن المسؤولية لن تُلقى على إسرائيل وحدها، بل على الفلسطينيين أيضاً، لذلك فـ «إذا كانوا مهتمين بالامتناع عن ذلك، فإنه يتعين عليهم إظهار ليونة تسمح باستئناف المحادثات» مع إسرائيل. وقال موظف لصحيفة «هآرتس» إنّ الوضع الناشئ حوّل تاريخ 26 كانون الثاني إلى «أيلول الجديد»، في إشارة إلى شهر أيلول الماضي، الذي توجه خلاله الفلسطينيون إلى الأمم المتحدة للحصول على عضوية كاملة في المنظمة الدولية. وتابع أنه «يوجد قلق حقيقي لدى الرباعية الدولية من أن يعود عباس لتنفيذ خطوات في الأمم المتحدة بعد هذا التاريخ، بالتالي سيتعين عليه أن يحسم ما إذا كان يؤيد أو يعارض حكومة وحدة مع حماس».
(الأخبار، يو بي آي، أ ف ب)