لا يزال «حزب الدعوة الإسلامية» عاجزاً عن عقد مؤتمره العام، الذي كان يُعوَّل عليه في إنتاج قيادة جديدة من شأنها النهوض بالحزب، بعد خروجه المدوّي من السلطة في أيلول/ سبتمبر الفائت. كان مفترضاً أن يُعقد المؤتمر في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي. وفي هذا السبيل، انكبّ «الدعويون» على سلسلة جلسات وندوات من أجل وضع رؤية لإعادة هيكلة الحزب، ومن ثم طرحها على المؤتمر العام حتى تنال الثقة (راجع «الأخبار»، عدد 3587). لكن استمرار الخلافات حال دون التوصل إلى ورقة مشتركة، وبالتالي أطاح موعد المؤتمر، الذي رُحّل إلى النصف الأول من العام الجاري.مصادر مطلعة على الحراك داخل «الدعوة» تؤكد، في حديث إلى «الأخبار»، أن القيادة الحالية فشلت ـــ حتى الآن ـــ في لملمة نفسها، في ظلّ افتقادها خطة أو مشروعاً يمكن أن تعتمد عليه في استقطاب تأييد جماهيري، وتحديداً من الشرائح الشابة. تقول المصادر إن قيادة الحزب كانت أمام خيارات ثلاثة «أحلاها مرّ، وستقود بشكل أو بآخر، في نهاية المطاف، إلى أفول نجم الحزب». أول هذه الخيارات الدعوة إلى انتخاب قيادة جديدة، تشمل أعضاء «الشورى» (50) و«المجلس السياسي» (11)، على أن يكون هؤلاء الـ61 من الشباب، بينما يتقاعد القادة التاريخيون، ويجري الإبقاء على المستشارين، ومن ثم البدء في العملية الإصلاحية. لكن هذا الطرح اصطدم باحتمال فشل القيادة الجديدة في الترويج لنفسها، وإمكانية احتياجها إلى سنوات حتى تحقّق تفاعلاً/ خرقاً في الشارع العراقي.
يراهن خصوم «الدعوة» على أن لحظة «انقصام ظهره» باتت قريبة


أما الخيار الثاني، فكان تأجيل المؤتمر، حتى تتمكن القيادة الحالية من إنضاج رؤيتها لمستقبل الحزب وآليات عمله، غير أن الإشكالية التي برزت في هذا الإطار كانت في احتمال فشل المعنيين في إنتاج «مسودة رؤية»، ما يعني أن الحزب سيدخل تلقائياً في حالة «موت سريري»، في ظلّ عجزه عن إنتاج قيادة جديدة من جهة، وبلورة مشروعه من جهة أخرى. وبالنسبة إلى الخيار الثالث، الذي يبدو أن «الدعوة» ماضٍ فيه، فهو انعقاد المؤتمر العام قبل منتصف العام الجاري، على رغم أن «الموعد لم يُحدّد حتى الآن، لأن التحضيرات إليه تحتاج إلى مزيد من الوقت»، بتعبير أحد قادة الحزب.
ووفق معلومات «الأخبار»، من المتوقع أن تعيد قيادة «الدعوة» انتخاب نفسها، مع تغيير محدود في عدد من المواقع لمصلحة الوجوه الشابة على حساب الوجوه الحالية. وسيلي انعقادَ المؤتمر البدءُ في ورشة إصلاحات تطاول هيكل الحزب التنظيمي، ومن ثم إعداد ورقة تحدّد رؤية الحزب ومشروعه. وتشير المعلومات إلى أن السيناريو الأخير جرت بلورته بعد استشارة أطراف إقليمية نصحت بالحفاظ على وحدة «الدعوة»، وهو ما أوصت به أيضاً أوساط المرجعية الدينية العليا (آية الله علي السيستاني)، التي تفضّل الإبقاء على خريطة الأحزاب السياسية بصورتها الحالية، خصوصاً داخل «البيت الشيعي... الذي لم يعد يحتمل المزيد من التعقيد».
في خضمّ ذلك، وفي ظلّ افتقار الحزب إلى قاعدة جماهيرية عريضة يمكنها الالتفاف حوله في محنته إيماناً بمبادئه، لا طمعاً في قدرته على تأمين الوظائف للراغبين فيها، يراهن خصوم «الدعوة» على أن لحظة «انقصام ظهر» الأخير باتت قريبة. مراهنة تستند إلى جملة عوامل، تبدأ من خسارة الحزب منصب رئاسة الوزراء الذي احتكره طوال 13 عاماً، مروراً بالشبهات الدائرة حول قياداته في شأن التورط في الفساد وتعميمه، وصولاً إلى فشل الحزب في النهوض بنفسه من جهة، وتشكيل قادته التاريخيين أحزاباً موازية على ضفافه، تأكل من شعبيته، وتستثمر في شارعه.