بغداد | في «سابقة» منذ 2006، أخفق البرلمان العراقي، للمرّة الثالثة على التوالي، في عقد جلسة لمنح الحكومة الاتحادية الثقة، التي كُلّف محمد توفيق علّاوي تأليفها. الانقسام السياسي الداخلي، والغياب الواضح للدور الخارجي، أسفرا عن كباش قاسٍ حال دون «تمرير» الحكومة التي قُدّمت ناقصة (ومعدّلة مرّةً أخرى) بخمس حقائب هي: الداخلية، الدفاع، المالية، التجارة والعدل. ثلاثٌ من تلك الحقائب «سياديّة»: الداخلية تُمنح لـ«البيت الشيعي»، والدفاع لـ«البيت السُنّي» (لم يحظَ المرشح قصيّ عبد المحسن عبد الله بـ«الغطاء المطلوب»، فاضطرّ علّاوي إلى إبقائها شاغرة). أما المالية (سياديّة)، والتجارة والعدل، فمن المرجّح أن تُسند إلى «البيت الكردي» بعد «إلغاء» الحقيبة المستحدثة: وزارة الدولة لـ«شؤون إقليم كردستان».فبعد وصوله إلى البرلمان، التقى علّاوي أمس رئيس المجلس محمد الحلبوسي (أبرز المعارضين له) ونائبه حسن الكعبي (ينتمي إلى «ائتلاف سائرون»، المدعوم من زعيم «التيّار الصدري» مقتدى الصدر، وهذا من أبرز الداعمين لعلّاوي)، وقادة الكتل السياسيّة، ليقدّم قائمة جديدة بأسماء مرشّحيه. عقب تلك اللقاءات، دعا الحلبوسي إلى عقد الجلسة، لكنّه سارع إلى تأجيلها، ما أثار غضب نائبه الكعبي الذي قرر إبقاءها. أُجّلت الجلسة حتى غد (السبت) لعدم اكتمال النصاب، وبذلك يكون أمام علّاوي والقوى فرصة أخرى لـ«تقريب» وجهات النظر والبحث عن حلول سريعة تجنّب البلاد مزيداً من الخلافات.
تراجع الأمين العام لـ«المشروع العربي»، خميس الخنجر، عن دعم علّاوي


المؤشرات حتى الآن تشي بصعوبة التوصّل إلى حلّ يحظى برضى الجميع؛ فشلت جولة من المباحثات بين علّاوي و«الوفد الكردي»، بالتوازي مع تمسّك «تحالف القوى العراقية» (أكبر تكتّل برلماني للقوى «السُنّية»، ويضم 40 نائباً)، بموقفها الرافض لـ«تمرير» الحكومة. وما زاد «الطين بلّة» تراجع الأمين العام لـ«المشروع العربي»، خميس الخنجر، عن دعم علّاوي، لأن «الكابينة تضم أشخاصاً غير مؤهلين، أو مرتبطين بأحزاب، أو مرشحي ترضية لبعض الأطراف»، في وقت ينقسم فيه «تحالف الفتح» (ائتلافٌ برلمانيٌّ يضم الكتل المؤيدة لـ«الحشد الشعبي») على نفسه، بين داعم لعلّاوي ورافض له. إذ يُسجّل لزعيم «دولة القانون»، نوري المالكي، قدرته على رصّ صفوف «جبهة المعارضة» لعلّاوي، ودوره الكبير في «عرقلة» ذلك، لحسابات مردّها الأساسي موقفه الشخصيّ من «المُكلّف».
هنا، ثمة من يتساءل عن «الحكم الدستوري» لرئيس الوزراء مع انقضاء المدة الدستورية المحدّدة (2 آذار/ مارس المقبل)، وفق المادة 76 المتعلّقة بتسمية الوزراء وعدم منحهم «الثقة» البرلمانية. الخبير القانوني مصدّق عادل قال لـ«الأخبار» إن علّاوي «التزم المدّة الدستوريّة المحدّدة لتكليف الوزراء وتقديمهم إلى البرلمان خلال 30 يوماً»، وفقاً للبند ثانياً من المادة 76، وعليه «يكون تقديم أسماء الوزراء إنجازاً للمهمة، وقطعاً للمدّة المحدّدة». ويضيف: «مصير الوزارة متوقّفٌ على إرادة البرلمان دون التقيّد بمدّة محدّدة لرئيس مجلس الوزراء»، فإن امتنع المجلس عن منح الثقة لأكثر من 50% من «الكابينة»، سيكون المشهد «إخفاقاً لرئيس مجلس الوزراء، ويتوجّب على رئيس الجمهورية تطبيق البند ثالثاً من المادة 76»، أي أن «يُكلّف... مرشحاً جديداً لرئاسة مجلس الوزراء خلال خمسة عشر يوماً». أما في حالة «منح الثقة» لأكثر من نصف «الكابينة»، فإن الحكومة تكون قد تشكّلت دستورياً، «وإن كانت غير مكتملة العدد، استناداً إلى قرارات المحكمة الاتحادية العليا»، يقول عادل.